الاقتصاد والمعادلة الشخصية
الاقتصاد والمعادلة الشخصية
بين مطرقة المعادلة البيولوجية وسندان المعادلة الاجتماعية تحدد فرص نجاح أي تنمية اقتصادية، وأغلب فشل التجارب التنموية المستوردة إنما كان يرجع إلى عدم مراعاتها الظروف المجتمعية المختلفة بين الدول، فمحاولة البعض استنساخ تجارب الدول الأخرى لتطبيقها فى دولة ما، أفضى في النهاية إلى الفشل وتسبب فى تبديد الموارد دون إحراز أي تقدم يذكر، فالبشر وإن كانوا سواسية إلى حد كبير من الناحية البيولوجية، إلا أن ما يستطيع فعله البعض ليس بالضرورة يستطيع فعله الآخرون، وهذا بدروه يرجع إلى اختلافهم في المعادلة الاجتماعية، فلكل منهما معادلته الخاصة.
فالمعادلة الأولى فهي هبة الله، الذي خلق البشر، فهي منحة منه عز وجل إلى البشر كافة، وأما المعادلة الثانية فهي هبة المجتمع إلى جميع أفراده بصفتها القاسم المشترك الذي يطبع سلوكهم ويحدد درجة فعاليتهم أمام المشكلات تحديدًا، وهذا ما يميز أفراد مجتمع عن آخر، بل يميز جيلًا عن آخر في المجتمع الواحد نفسه، إذا كان الفاصل الزمني كافيًا لطبع المجتمع بأسلوب آخر يتفق مع معادلة اجتماعية أخرى.
وعلى ذلك فالمجتمع الإسلامي في حيرة بين أمرين؛ الأول وهو أن يترك الأيام لتصوغ معادلته الاجتماعية، وهذا طريق طويل وشاق تكتنفه العديد من الصعاب والمحن، والأمر الثاني يكمن في طرح المشكلة بصورة موضوعية، كما فعلت دول مثل ألمانيا واليابان والصين.
إن العالم الإسلامي اليوم يواجه حالة إنقاذ أو كما يقال باصطلاح العسكريين حالة طوارئ تستلزم قرارات صارمة في المجال الاقتصادي، كما تتخذ قيادة عسكرية قراراتها تجاه ظرف استثنائي.
الفكرة من كتاب المسلم في عالم الاقتصاد
يعدُّ هذا الكتاب محاولة لتصفية الفكر الإسلامي في الأذهان مما علق به من بعض العُقد التي قد تستولي على اجتهاده في مجال الاقتصاد، طبقًا لمبادئ ومسَلمات مذهبية معينة ترى حتمية اختيار لا فرار منه بين أفكار ونظم الرأسمالية أو الماركسية، دون التفكير في اكتشاف طريق ثالث وفقًا للتصور الإسلامي لفقه الحضارة، كما يكشف بجلاء عن الدور الأساسي والخفي للمعادلة المجتمعية وأثرها في عملية تشكيل الحضارة وصنع التنمية الاقتصادية المستدامة.
مؤلف كتاب المسلم في عالم الاقتصاد
مالك بن نبي: عالم ومفكر إسلامي، ولد في مدينة تبسة بالجزائر عام 1905م.
يعدُّ أحد رُوَّاد النهضة الفكرية الإسلامية في القرن العشرين، ويُمكن اعتباره امتدَادًا لابن خلدون، وهو من أكثر المفكرين المعاصرين الذين نبّهوا إلى ضرورة العناية بمشكلات الحضارة.
عمل مستشارًا لمنظمة التعاون الإسلامي، وعُين مديرًا عامًّا للتعليم العالي في الجزائر.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
شروط النهضة.
الظاهرة القرآنية.
مشكلات الحضارة.
وجهة العالم الإسلامي.
مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي.
توفي مالك بن نبي في الجزائر يوم الـ31 من أكتوبر عام 1973م.