الاقتصاد الدولي
الاقتصاد الدولي
كان العالم قبل الحرب العالمية الثانية أشبه بجماعات وقبائل متناحرة، وكانت الدول تعتمد في تنمية اقتصادها عبر الإضرار باقتصاد الدول الأخرى، لا سيما مع شيوع المستعمرات فلم يكن ثمة تكافؤ في العلاقات الاقتصادية بين الدول العظمى ومستعمراتها، فالنظام الإمبريالي كان يتعامل مع الدول الفقيرة بمثابة البقرة التي يتم حلبها ويُساء إطعامها، ولكن الوضع تغير بعدما تم إرساء النظام الدولي الحديث، وتم إنهاء الحقبة الاستعمارية ونالت المستعمرات استقلالها، وشرعت في تدشين تنميتها الاقتصادية الخاصة، ومع استحداث المؤسسات الاقتصادية الدولية وبروز الشركات المتعددة الجنسيات وانتشار العولمة الاقتصادية بين الدول بات هناك نوع ما من التنسيق المشترك بين مختلف الدول.
فالتعاون الاقتصادي بين دول العالم يجب أن يرتكز على ساقين، الأولى تنسيق الجهود المشتركة نحو أسس أكثر عدالة للتعاون الاقتصادي المشترك، وأما الساق الثانية فهي تحمُّل الأطراف الفاعلة مسؤوليتها الدولية تجاه بيئة مستدامة عبر الحفاظ على النظام البيولوجي للكوكب، دون الدفع بالبلدان النامية لترزح بين سندان الفقر ومطرقة السياسات الدولية المجحفة، لتهرب رؤوس الأموال خارجها فيزداد الأغنياء غنًى والفقراء فقرًا، وهذا بالضبط ما حدث إبان فترة الثمانينيات من القرن المنصرم.
ومع اضطراب الأحوال الاقتصادية وإعلاء البرامج التقشُّفية، تتم تنحية القضايا البيئية جانبًا، فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة، لكن التاريخ أثبت لنا خطأ هذا التوجُّه، فالوقائع أثبتت مدى السوء الذي آلت إليه الأوضاع من زيادة الفقر والمجاعات والهزات العنيفة التي تعرَّضت إليها الأرض نتيجة ارتفاع معدلات التلوث لمستويات غير مسبوقة، وثمة إدراك الآن لضرورة معالجة الأسباب الأساسية للمشكلات المزمنة التي تواجه العالم، بعدما ظل العالم ردحًا من الزمان يسير على المسكنات، فدول أفريقيا وأمريكا اللاتينية ما زالت تتعثَّر في أذيال الحروب والفقر والديون وتردِّي الأوضاع المعيشية وانتشار الأوبئة والأمراض، مما يضع قيودًا على التوجه العالمي نحو إتاحة التنمية المستدامة ونشر التكنولوجيات الصالحة للبيئة للحفاظ على القدر الصالح المتبقي من كوكب الأرض.
الفكرة من كتاب مستقبلنا المشترك
لقد شاءت حكمة الله أن يجعل الأرض محور الحياة الإنسانية، فأمدَّها بجميع ما يحتاج إليه الإنسان الذي تمكَّن من تطوير حضارات متقدِّمة أتاحت فرصة الارتقاء وتحقيق الرفاه عبر الاستفادة والتمتُّع بالثروات الطبيعية الهائلة وتحقيق التقارب بين أجزاء الكرة الأرضية بواسطة التقدم في وسائل الاتصالات والمواصلات الحديثة، ولكن هل لتلك الأشياء أن تستمر في المستقبل؟! فإذا كان الغد وليد الحاضر فعلينا أن نقلق جراء تلك الممارسات غير المسؤولة من البشر والتي تهدِّد النظام الكوكبي بأكمله، فهذا الكتاب أشبه بناقوس خطر لمستقبل مجهول!
مؤلف كتاب مستقبلنا المشترك
اللجنة العالمية للبيئة والتنمية: تمَّ تشكيلها في إثر قرار الجمعية العامة رقم 38/161 الصادر عن الدورة الـ38 للأمم المتحدة في خريف 1983، وقد عملت اللجنة بوصفها هيئة مستقلة على بناء مستقبل أكثر ازدهارًا وعدالةً وأمنًا، لأنها تستند إلى سياسات وممارسات من شأنها توسيع واستدامة القاعدة البيئية للتنمية في مجالات السكان والطاقة والصناعة والأمن الغذائي، والعلاقات الاقتصادية الدولية والتعاون الدولي وإدارة البيئة.