الفرد والجماعة
الفرد والجماعة
المجتمع الإسلامي هو جماعة منظَّمة من المؤمنين أساسه العنصر الديني والانتماء الوجداني بهدف إعادة تشكيل الإنسان وتجديد حياته الروحية، ولا يمكن إقامة المجتمع المسلم على أساس مصالح اقتصادية واجتماعية، بل قوام المجتمع المسلم هو العضوية الروحية، حيث العلاقة بين الناس هي علاقة تآلف شخصي مباشر بهدف توحيد المجتمع وتبديد الشعور بالعزلة والاغتراب الناتج من التوسُّع في استخدام التطبيقات التقنية والحياة الحضارية المتنامية، مما ينمي روح الجماعة التي تخلق نوعًا من الرأي العام ضد من تحدثه نفسه بالخروج عن المعايير الاجتماعية والأخلاقية، فلا يوجد فرد بمفرده، مما يعني أن الإنسان ليس وحده يفعل ما يحلو له، ولا هو محرومًا من المؤازرة المادية والمعنوية، فإذا لم يشعر مسلم بأنه قريب من الآخرين فذلك يعني أن المجتمع المسلم قد أخفق في تحقيق جوهره.
فالإسلام يريد أن يمدَّ الإنسان يد العون إلى أخيه بطريقة عفوية مخلصة كإحدى القيم الجوهرية في المجتمع المسلم وتقرِّر الزكاة كأحد أركان الإسلام الخمسة مبدأ المسؤولية المتبادلة بين المسلمين، كما تهدف التشريعات الإسلامية إلى بث قيمة المراقبة في النفس البشرية والخوف من عواقب الأعمال، فلا يجب على الدولة أن تتدخَّل بصفة دائمة بقوَّتها لحماية الناس بعضهم من بعض، فالقوة والقانون أداتان للعدالة، أما العدالة نفسها فهي في قلب الإنسان فإذا لم توجد فيه فلا وجود لها على الإطلاق.
وإحدى الحقائق التي أقرَّها القرآن على درجة قصوى من الأهمية هي وحدانية الله والمساواة بين الناس؛ فلا يوجد شعب مختار أو طبقة مميزة، والإسلام باعتباره حركة دينية أخلاقية يرى أنه من غير المقبول وجود أي تمييز بين الناس لا ينطوي على معيار أخلاقي، فإذا كان الناس مختلفين حقًّا؛ فإن التمييز بينهم على أساس قيمتهم الروحية والأخلاقية قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾، فالتمييز الطبقي شأنه كشأن التمييز العنصري وغيره من أشكال التمييز المختلفة بين الناس غير مقبول من الناحية الأخلاقية أو الإنسانية.
الفكرة من كتاب الإعلان الإسلامي
إن “المجتمع الإسلامي لا يُبنى ولا يتم إصلاحه بالقانون أو باسم القانون، ولكن باسم الله وعن طريق تعليم الإنسان المسلم وتربيته”..
يناقش الكاتب في هذا الكتاب قضايا الأمة المسلمة ومبادئ النهضة والعوامل الخارجية المؤثرة في تقدمها وكيفية التعامل معها باقتراح حلول بناءة بتكثيف الجهود والمثابرة في العلم والعمل، ويُعدُّ هذا الكتاب هو الشقُّ العملي لفكر الكاتب حيث يضع فيه بيجوفيتش المبادئ التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي موجهًا الحديث إلى المسلمين الذين يعلمون إلى أي كيان ينتمون، ومن ثم معرفة ما تحتِّمه طبيعة هذا الانتماء.
مؤلف كتاب الإعلان الإسلامي
علي عزت بيجوفيتش : ناشط سياسي وفيلسوف إسلامي وأول رئيس جمهوري لجمهورية البوسنة والهرسك، ولد عام 1925 م بمدينة بوسانا كروبا، تخرج في جامعة سراييفو في القانون والآداب والعلوم، عمل مستشارًا قانونيًّا لمدة 25 عامًا ثم اعتزل وتفرَّغ للبحث والكتابة، حكمت عليه السلطات الشيوعية بالسجن خمس سنوات عام 1949م، وأفرج عنه سنة 1954م، أنشأ حزب العمل الديمقراطي بالتعاون مع أصحابه وخاض به انتخابات البوسنة المستقلة عام 1990م وفاز بأغلبية ساحقة، صمد علي عزت بيجوفيتش وشعبه الأعزل في مواجهة الغزو الصربي لا أمل له إلا في وجه الله ونصر من عنده.
من أهم مؤلفاته: “الإسلام بين الشرق والغرب”، و”الفرار إلى الحرية”، و”الأقلية الإسلامية في الدول الشيوعية”، نال علي عزت جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1993م، وتُوفِّي في التاسع عشر من أكتوبر عام 2003م عن عمر يناهز الثامنة والسبعين بعد جهاد وكفاح مرير.