قيمة الإنسان في الإسلام
قيمة الإنسان في الإسلام
المذاهب الفلسفية الحديثة ونظرتها إلى الإنسان أجبرتنا على العودة والبحث والتنقيب في مكانة الإنسان التي جعلها الله له في الإسلام، وفي أول سورة في القرآن تظهر ملامح هذه القيمة فتبدأ قصة خلق الإنسان بتوجيه الله خطابه للملائكة قائلًا: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾، إذًا البداية هي فكرة جعل الإنسان خليفة ومسؤولًا عن الأرض وتعميرها، وهذا لشرفٌ عظيم ثم ترد الملائكة وتقول: ﴿قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾، ويبدو من كلام الملائكة أنه قبل الإنسان كان هناك أناس آخرون ارتكبوا في الأرض من الفساد ما يرتكبه إنسان اليوم ولكن جاء رد الله: ﴿قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾، وأن خلق الإنسان له هدف وحكمة تغيب على الملائكة.
اعترض البعض وقالوا كيف كرَّم الإسلام الإنسان وقد خلقه الله من طين؟ والحقيقة أن هذه نظرة بعين واحدة مُغيَّبة عن عمق المعنى الكلي لعملية خلق الإنسان، هذا لأن الإنسان بالفعل مخلوقٌ من أحط مادة وأخس عنصر “الطين”، وبأوصافه المختلفة التي وردت في القرآن تدرك ذلك مثل لفظة “حمأ مسنون”، وهو الطين المتعفِّن كريه الرائحة، لكن بعد ذلك نفخ الله فيه من روحه والروح أشرف شيء يمكن أن يتم التعبير به عن القيمة الرفيعة ثم تمام الخلق، ومن ثم خلق الإنسان من أحط عنصر ثم نفخ الله فيه من روحه فجعل الإنسان كائنًا له بُعدان بخلاف سائر الموجودات ذات البعد الواحد؛ البعد الأول هو الجمود والرسوب والتوقُّف المشابه لطبيعة الطين، والبعد الثاني هو التعالي والسمو والوصول والتقرُّب إلى أعلى قمة في الوجود وهو الله، وعلى الإنسان الاختيار بفضل إرادته التي جعلها الله له إما الاتجاه إلى بعده الأرضي أو بعده السماوي، والصراع بين البعدين بدأ منذ لحظة الخلق وعلى مدار حياة الإنسان عليه الاختيار.
هذا هو المعنى العميق للإنسان المخلوق صاحب الإرادة الذي أعطاه الله القدرة على تسخير الطبيعة وتطويعها لخدمته ليرى أيشكر أم يكفر.
الفكرة من كتاب الإنسان والإسلام
“الإنسان اليوم مجهولٌ أكثر من أي وقتٍ مضى”.
الإنسان في حاجة إلى أن يعرف نفسه ووجوده، في حاجة إلى أن يدرك موقعه في مجتمعه وفي الطبيعة، وأن يتأمَّل في الإسلام ويعلم قيمته الحقيقية ومسؤولياته التي اختصَّه الله بها.
الكتاب يتمثَّل في محاضرات تم تجميعها، ألقاها الكاتب على الطلبة الإيرانيين في مدينة آبادان عام 1968، ويوضح الكتاب بدايةً كيف كرَّم الله الإنسان ووضع له مكانة مميزة، ثم يتحدث عن المصادر الثقافية الخاصة بالمجتمعات الإسلامية وضرورة العودة إليها وجعلها نقطة بداية للتقدم، ثم يذكر السجون الفلسفية التي قيَّدت حرية الإنسان وجعلته عاجزًا، وأخيرًا يبرز قضية تضارب المفاهيم في وقتنا هذا وتحديد مفهوم التديُّن المناسب لهذا العصر.
مؤلف كتاب الإنسان والإسلام
الدكتور علي شريعتي: مفكر إيراني إسلامي شيعي، ويعد فيلسوف الثورة الإيرانية وملهمها، ولد قرب مدينة سبزوار في خراسان 1933، تخرج في كلية الآداب ليذهب في بعثة إلى فرنسا لدراسة علم الأديان وعلم الاجتماع وحصل على شهادتي الدكتوراه في تاريخ الإسلام وعلم الاجتماع، له العديد من المؤلفات الشهيرة مثل: “مسؤولية المثقف”، و”الإسلام ومدارس الغرب”، و”العودة إلى الذات”.