تمهيد الطريق
تمهيد الطريق
البيت هو أول ما يراه الطفل ويدركه، فإذا كان يمثل له منطقة أمان ومنطقة لإثبات نفسه فيها كان مقداره أثقل وأحسن بالنسبة إلى الطفل من الشارع والمدرسة ومن أي شيء، وكلما شعر بالرضا عن نفسه في البيت ظهرت شخصيته خارج البيت، وكلما شاركناه ومهدنا له كل ما سيقابله سواء في التلفاز أو في الشارع كان أكبر عقلًا وأكثر فرصة في الفلترة والتنصيف لكل المدخلات، لأنه يتملك مرجعية قوية.
والسؤال المهم هنا: كيف تحب أن ترى ابنك؟ أن تراه ذا شأن في الدنيا؟ أم في الآخرة؟ لا يوجد مانع من تمني الأمرين معًا، لكن هل الأولوية عندك أن يكون ابنك رئيسًا لشركة فقط؟ أم أن يكون رئيسًا خلوقًا مسلمًا يراعي الله في كل صغيرة وكبيرة؟ هذا هو الأساس الذي ستبنيه بداخله، أن المهم هو الإيمان والصلاح، وأن النجاح الدنيوي مهم بشرط أن يرفع راية الإسلام والمسلمين ويشجع الهدف الذي خُلقنا لأجله.
وكثير من الآباء يغفلون عن الغاية الأساسية للخلق ويهتمون فقط بالمظهر وأن يرتفع اسمهم في الدنيا، والأصح هو أن تغرس في ابنك الهوية والتاريخ والثقافة الإسلامية والعربية، وتجعله فخورًا بأصوله وكل ما ينتمي إليه، وهذا يجعله يندمج في مجتمع ويصبح عنده هم ورسالة كبرى مرتبطة بأهدافه، وسيكون هدفه من تحقيق أي شيء هو خدمة دينه ومجتمعه وهذا هو الأثر الذي نريده، وهذا يقودنا إلى نقطة مهمة وهي لا ترسم لابنك طريقه في الحياة، ولكن مهد له الاختيارات وشجعه على ما يريد.
وحتى يكون مسلمًا سويًّا يجب أن يعتاد صفة الانضباط، أي يتعلم التخلي عن المتع اللحظية والسعادات القصيرة من أجل مبادئه ومعاييره، فهذا يجعله واعيًا لمستقبله الدراسي والعاطفي والنفسي.
الفكرة من كتاب الآن أنت أب
في زمن صارت المادة فيه هي أهم شيء، وأصبح الأب بالنسبة إلى الكثيرين مصرف النقود، والبنك المتحرك الذي لا نراه إلا قليلًا في البيت، وإن رأيناه يكون صامتًا، أو غاضبًا وعاقد الحاجبين، أو حتى غير مهتم بمشكلات وشؤون الأسرة كلها. ومع مرور الوقت أصبحت النصائح التربوية كلها تصب في فكرة التأمين المادي والاجتماعي فقط، ولا أحد يهتم بالتأمين النفسي والفكري والاحتياج العاطفي إلى الأب، ورأينا الكثير من البيوت لا تعرف عن معنى القوامة ولا الأبوة شيئًا، وللأسف يكبر أطفالهم وهم غير مدركين لدور الأب السوي، مكررين نفس المأساة مع أولادهم، منشئين بذلك جيلًا آخر من الأطفال المحرومين عاطفيًّا المفتقدين السواء النفسي.
في هذا الكتاب يأخذنا كريم الشاذلي في رحلة تربوية، معرفًا أهم الأساسيات التي تساعد الأب كي يؤدي دوره على أكمل وجه ولتربية طفل سوي، مستندًا في ذلك إلى الكثير من التجارب التربوية لمتخصصين ولأولياء أمور، جامعًا خلاصة هذه التجارب في 43 نصيحة تربوية.
مؤلف كتاب الآن أنت أب
كريم الشاذلي: كاتب وإعلامي وباحث ومحاضر في مجال العلوم الإنسانية وتطوير الشخصية، استطاع في مدة قياسية أن يصل إلى أكثر من نصف مليون قارئ عربي من خلال 15 كتابًا مطبوعًا، وقد تُرجِمَت كتبه إلى العديد من اللغات، وقد تقلَّد منصب مدير عام دار أجيال للنشر والتوزيع، وأعطى محاضرات في جميع جامعات مصر، وحلَّ ضيفًا على كثير من البرامج التلفزيونية في الدول العربية.
من أبرز مؤلفاته: “امرأة من طراز خاص”، و”الإجابة الحب”، و”اصنع لنفسك ماركة”، و”جرعات من الحب”، و”أفكار صغيرة لحياة كبيرة”، و”إلى حبيبين”.