الفقر والغنى.. جرثومة الدم
الفقر والغنى.. جرثومة الدم
قال تشارلز داروين: “سيأتي زمن على الأعراق المتحضرة تبيد فيه الأعراق الهمجية، وترث منها الأرض حتمًا”، وقال تشارلز كنغسلي المؤرخ والروائي البريطاني: “انتشار الأنجلوسكسون في الأرض توسيع لمملكة الله، وإذا اقتضى الأمر فليكن على جثث الأعراق الضعيفة”، ويتساءل الكاتب في هذا الكتاب: كيف لأمة تنفق المليارات على الحروب منذ نحو أربعة قرون بلا توقُّف أن يرتع فيها الفقر فلا يجد أربعة وأربعون مليونًا قوتًا لهم.
فحسب إحصائيات عام 2009 بلغت نسبة الفقراء 14.3% من المجتمع الأمريكي، ففي أمريكا ترى التناقض بين الطبقة الغنية والفقيرة فاحشًا، ما بين القباب المُذهَّبة ومفترشي الشوارع بلا مأوى والباحثين عن اللقيمات في القمامة، والنظام الرأسمالي الربوي يستفحش حتى قضى على حياة الفتيات ورمى بهن لممارسة الدعارة لتوفير مصاريف دراستهن، فـ”أولى بنا أن نقتل هؤلاء المنحطين في الأرحام لنتجنَّب إعدامهم بعد ذلك عندما يخلقون ويصبحون مجرمين أو فقراء معوزين يجوعون بسبب غبائهم” كما قال وِندل هولمز رئيس المحكمة العليا، وأحد المسؤولين وراء مصح لينشبيرغ الذي كان بمثابة “مسلخ جنسي” لتعقيم الفقراء من سكان الجبال والهنود الحمر وكذا السود، إذ كانت السلطات في ذلك الوقت تؤمن أن الفقر هو خلل بيولوجي ينتقل عبر الأجيال بالوراثة، فهذه الأمة ترى الفقر “جرثومة في الدم” والقضاء عليها يجب أن يكون بالقضاء على نسل الفقراء أنفسهم!
هي إذًا “حرب على الفقراء والمستضعفين” كما يصفها عالم الاجتماع هربرت غانس الذي يعرض فلسفة هذه الحرب في أنها تعتبر هؤلاء الفقراء شاذين عن نظام الحياة الأمريكي وهم “غير مستحقين” للدعم والإحسان، وهم كسالى لم يستطيعوا العمل والكسب، ونساؤهم يميلن إلى كثرة الإنجاب.
الفكرة من كتاب أميركا والإبادات الجنسية
يعثر الكاتب بالمصادفة على وثيقة وضعها الدكتور الأمريكي هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي عام 1974 بتوجيه من الرئيس جيرالد فورد تضع خطة لتعقيم نساء ثلاث عشرة من دول العالم الثالث من ضمنها مصر في خلال خمسة وعشرين عامًا، وبعد ثلاثة أعوام بدأت الحكومة الفيدرالية الإجراءات العملية، ورصدت الميزانية والوسائل الكافية لتعقيم ربع نساء العالم، واللائي كُنَّ في تقديرهم في ذلك الوقت خمسمائة وسبعين مليون امرأة!
عرَّف الكاتب فكرة أمريكا بأنها “احتلال الأرض واستبدال شعب بشعب، وثقافة وتاريخ بثقافة وتاريخ”، وهي نفسها الفكرة التاريخية لإسرائيل، شعب الله المختار المستحق وحده البقاء!
مؤلف كتاب أميركا والإبادات الجنسية
منير العكش: باحث وأستاذ الإنسانيات ومدير الدراسات العربية في جامعة سفك في بوسطن، حاز عام 1983 وسام أوروبا لحوار الحضارات، وهو مؤسس ورئيس تحرير مجلة جسور.
ألف وترجم أكثر من 22 كتابًا بالعربية والإنجليزية، ويعد من أبرز الباحثين العرب في الدراسات الأمريكية، ومن أبرز مؤلفاته:
تلمود العم سام.
هكذا تكلم محمود درويش.
أميركا والإبادات الثقافية.
أميركا والإبادات الجماعية: حق التضحية بالآخر.