الترفيه وتعزيز الوضع الراهن
الترفيه وتعزيز الوضع الراهن
كانت الأحوال المعيشية القديمة تستلزم بذل الكثير من الجهد والوقت لتوفير متطلبات العيش، بيد أن مع دخول عصر الثورة الصناعية وميكنة العملية الإنتاجية زادت معدلات الإنتاج، مما وفَّر بعضًا من وقت الفراغ الذي عملت الشركات العملاقة على استغلاله لتصبح بذلك التسلية والترفيه صناعة عالمية عالية النمو لها أثرها الثقافي الهائل، فجهاز تشكيل الوعي يعمل على إنتاج ألوان عديدة من وسائل التأثير يكون لها الرسالة الموجهة نفسها وإن اختلفت أشكالها، لكنها في وسائل الترفيه تعتمد بصورة كبيرة على الفلكلور والموروثات الشعبية في النفاذ إلى العقل الجمعي والسيطرة عليه، ذلك أن البنية الداخلية للعقل البشري في حالة الاسترخاء والترفيه تكون أدعى إلى تشرُّب الأفكار الموجَّهة.
فعلى سبيل المثال: تعد وسائل ترفيه كمجلة “ناشيونال جيوجرافيك” ومؤسسة “والت ديزني للإنتاج الفني” ومنتجاتها الفنية “ميكي ماوس”، ومجموعة أفلام “جيمس بوند”، وغيرها في المجتمع الأمريكي مثالًا صارخًا على الاختراق الشامل لنظم التدريس، والمكتبات المدرسية ومنازل الطبقة المتوسطة، وهي تتعمَّد إرسال رسائل ضمنية على أن العالم يتمثَّل في مجموعة من الأماكن الجميلة والخالية من أية صراعات أو اضطرابات أو علاقات استغلالية قائمة، كما تعزف على أوتار الحنين إلى ماضي سيطرة الإمبراطوريات والنظم الديكتاتورية وعصر السيادة البيضاء للغرب، مما يمثل هجومًا على الاتجاه الثقافي، ومحاولة لترويض العقل الجمعي تدريجيًّا لتقبُّل العديد من الأفكار والقضايا التي تخدم أصحاب المصالح وذوي النفوذ في الحكومات والشركات الكبرى.
الفكرة من كتاب المتلاعبون بالعقول
التلاعب بالعقول وصناعة الوعي المضلل، ذاك الذي يخدِّر الضحية قبل ذبحها، بل ويجعلها تستمتع بهذا العذاب، من هنا يتحدث هذا الكتاب عن حقيقة الحرية الإعلامية في بلاد العالم المختلفة خصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية، ويبرز حقيقة وقوع أجهزة الإعلام تحت سيطرة الشركات الاقتصادية الكبرى، وأن هذه الشركات توظِّف أجهزتها الإعلامية لتوجيه عقول مشاهديها لتحقيق مصالحها الخاصة حتى لو تضاربت مع مصالح الجماهير الشخصية.
مؤلف كتاب المتلاعبون بالعقول
هربرت شيللر Herbert Schiller: عالم اجتماع ومؤلف وناقد وباحث، (ولد في الـ5 من نوفمبر عام 1919، وتوفي في الـ29 من يناير 2000)، حصل على الدكتوراه من جامعة نيويورك عام 1960، وكان أستاذ مادة “وسائل الاتصال” بجامعة كاليفورنيا، بسان دييجو، وعمل قبل ذلك أستاذًا بمعهد برات ببروكلين، بنيويورك، وجامعتي إلينوي وأمستردام.
أصدر الكثير من الكتب التي كان لها أثر كبير في تغيير الكثير من العقول، منها:
ما بعد السيادة الوطنية.
العيش في البلد رقم واحد.
المعلومات واقتصاديات الأزمة.
الاتصال العام والإمبراطورية الأمريكية.