الأنظمة المستبدة.. نقاط نقاط القوة
الأنظمة المستبدة.. نقاط القوة والضعف
ما نوع القوة المُحركة للأنظمة المستبدة، وما مصادرها؟ إن أهم مصادر السلطة السياسية للأنظمة القمعية هو إيمان الناس بشرعية النظام وأن طاعته واجبٌ أخلاقي، ودعم المؤسسات وقياداتها، والمهارات والمعارف والخبرات لدى النظام وأفراده، والعوامل النفسية والفكرية التي تُجبر الناس على طاعة الحكام، وكذلك مدى تمكن النظام من الموارد المادية والاقتصادية ووسائل الاتصالات، وأيضًا استمداد القوة من العقوبات والتعسف ضد الخارجين عن طوْعه الضامنة له ولاء باقي أفراد المجتمع.
لذا؛ فالفهم الجيِّد للعناصر الداعمة للنظام القمعي هو بداية الطريق لهدمه بالكليَّة، أو على الأقل عدم استقراره وإرباكه، ومن ثَمَّ تكون بداية الغيث للتخلص منه. وعلى اختلاف درجات الرغبة في الحرية تختلف القدرة على النضال والمقاومة وما يعقبها من نتائج، وتتحدَّد قوة المستبد حسب استخدامه للعُنف ضد المعارضين، فكلما احتاجها بكثرة كان دليلًا على أن تلك القوة مؤقتة وغير مُجدية.
ورغم القوة التي يظهر بها النظام الدكتاتوري ففي ثناياه العديد من نقاط الضعف والعجز التي تفقده قدرة الصمود إذا ما واجهته رياح التغيير، مثل: تحول أعمال الحاكم إلى مجرد شعارات لا تتكيَّف مع الأوضاع الحياتية الجديدة، أو عدم توفير المعلومات الصحيحة الكاملة بواسطة الأتباع والمُوالين خوفًا من غضب الحاكم، أو تآكل أيديولوجية النظام ككل وعدم تماشيها مع ثقافة المجتمع، أو وجود نزاعات مؤسسية تمنع الحاكم من الحفاظ على منصبه، أو تزايد الخلافات بشتى أنواعها الطائفية والطبقية والثقافية، إلى آخر كل هذه الأمثلة من نقاط الضعف التي من الممكن أن تكون في هيكل الأنظمة القمعية الدكتاتورية التي إذا ما أُحسن استغلالها تسهم في تقويض النظام في زمن قليل.
على الجانب الآخر، فإن حالة خلق مؤسسات اجتماعية مستقلة جديدة أو تمكين المؤسسات القديمة وتحريرها من قبضة النظام تجعل السيطرة على مفاصل الدولة الديمقراطية في مرحلة ما بعد الدكتاتورية أكثر سهولة ويُسرًا وثباتًا، لأن تلك المؤسسات تضمُّ الآلاف من أبناء الشعب المضطهد، بالإضافة إلى قدرتها على النضال الجماعي وتغيير الوعي الجمعي للشعب، ومن ثمَّ تحصيل الحرية المسلوبة.
الفكرة من كتاب من الدكتاتورية إلى الديمقراطية
رغم الإحصائيات الكثيرة عن عدد الدول التي يمكن وصفها بأنها حُرَّة؛ وأن العدد تزايد زيادة ملحوظة في السنوات العشر الأخيرة، فما زالت هناك شعوب كثيرة تعيش أسيرة تحت مظلَّة الظلم والفساد.
يتحدث الكاتب عن الأنظمة الدكتاتورية وآثارها السلبية في المجتمعات، ويضع تصورًا كاملًا لكيفية الخلاص منها ومعارضة الاضطهاد والتشجيع على الحريات، مُبينًا الطريق إلى ذلك وما يجب فعله من تخطيط ونضال سِلمي يبتعد كثيرًا عن العنف، محذرًا من مرحلة ما بعد الانتصار، فتلك المرحلة هي أكثر الأوقات التي تتعرَّض فيها الشعوب للنكسة والهزيمة.
مؤلف كتاب من الدكتاتورية إلى الديمقراطية
چين شارب: أستاذ العلوم السياسية، ولد عام ١٩٢٨ بولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية، حصل على دكتوراه في الفلسفة وعلم الاجتماع، وارتبط اسمه بالكتابة والتأليف في الموضوعات الخاصة بالكفاح السلمي، وتوفي عام ٢٠١٨، ومن مؤلفاته:
ضد الانقلاب.
حرب اللاعنف.
البدائل السياسية.
القوة الاجتماعية والحرية السياسية.