صنِّف لنفسك أولًا
صنِّف لنفسك أولًا
هناك تصور سلبي أثَّر في تطور التصنيف العلمي وإثرائه، ألا وهو أن بَدء التصنيف والتأليف لا يكون في مرحلة طلب العلم والتحصيل وإنما يكون بعد الانتهاء منها، وهذا مما قد يؤثِّر سلبيًّا في الاحتياجات العلمية، بل وأثَّر بالفعل فيها، فطلاب العلم المبتدئون وعموم الناس ومواقع التواصل الاجتماعي والمؤسسات الاقتصادية والمجتمع عمومًا في حاجة مستمرة إلى من يقرِّب لهم العلم، ويبتُّ لهم في القضايا والفتاوى، ويفنِّد لهم الشبهات، ويدافع عن الشريعة، في مقابل ذلك فإن من يتصدَّى لهذا من المجتمع العلمي قلة قليلة.
من مظاهر هذه القضية ما يظنُّه البعض من أنَّه وحتى يقوم بتدريس علم معيَّن لا بدَّ أن ينهيه ويحيط بمسائله كلها ويطلع على مصنفاته، وهذا تصوُّر خاطئ أيضًا، بل إن تدريس العلم هو وسيلة من وسائل التعلم، وكم من تجربة يحكي صاحبها عن أثر تدريس مسألة من المسائل لغيره كيف أضافت إلى علمه وفتحت أمامه مجالًا للبحث والتأمل والنظر وأثارت الأسئلة الموجهة إليه في أثناء تدريسه لذلك العلم، وأشعلت حماسه للتنقيح والتصحيح والمراجعة.
ولا يكفُّ الإنسان عن طلب العلم، فهو حتى في أثناء قيامه بالتصنيف أو التأليف يتعلم، بل ويتحقَّق من علمه ويراجعه ويتأكَّد من جدواه، ويطرح الدكتور إبراهيم هنا اقتراحًا أن يجعل طالب العلم من تحصيله تصنيفًا ومن تصنيفه تحصيلًا، فإن طلب العلم توقَّف عند كل موضوع من موضوعاته وقرأ المصادر ووازن بينها ثم كتب نتائج تأمله وبحثه، محققًا بذلك تأليفًا لمصنَّف يمكن أن يعرضه على من يراجعه ويصحِّحه، ويستشير في طباعته ونشره أهل العلم والاختصاص، وفي نفس الوقت هو بهذا قد راجع وتأمَّل وبحث في المسائل وقارن بين المصادر فثبت علمه وتحقَّق منه.
الفكرة من كتاب مسلكيات
العلم والإيمان صنوان في الحياة، وفي هذا الكتاب يتطرَّق الكاتب إلى بابي العلم والإيمان مأخوذًا بكثرة اقترانهما معًا في كتاب الله (سبحانه)، من خلال مجموعة من المقالات المتنوعة كالتي تتعلق بفنون القراءة والتصنيف، والتصور الخاطئ عن تحقيق الإنجاز والتمكين، وما يتعلق بشعائر وعبادات إيمانية ونحوها من الأفكار التي تتعلَّق بهذين البابين، معضدًا ذلك بالعديد من الأمثلة والنماذج لأهل العزائم والهمم.
مؤلف كتاب مسلكيات
إبراهيم عمر السكران: كاتب، وُلد في الرابع من أبريل عام 1976، درس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن عامًا واحدًا، ثم تركها متوجهًا إلى كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ونال درجة الماجستير في السياسة الشرعية من المعهد العالي للقضاء التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ثم توجه إلى بريطانيا ونال درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي في جامعة إسكس بمدينة كولشستر.
ومن أهم مؤلفاته: مآلات الخطاب المدني، ورقائق القرآن، وسلطة الثقافة الغالبة، والماجريات.