الفرق بين الكشاف والمُحارب

الفرق بين الكشاف والمُحارب
لكل من عقلية المحارب وعقلية الكشاف وظائف محددة، إذ نستخدم عقلية المحارب لاعتناق المعتقدات التي تمنحنا المزايا السابقة، أما عقلية الكشَّاف فتساعدنا على الحكم على الأشياء بعد رؤيتها بوضوح حتى نتمكن من معالجة المشكلات وحلها، وعمل مخاطرات مدروسة، والوصول إلى أهدافنا، وبالتأكيد فهم العالم الذي نعيش فيه فهمًا أفضل.

والمشكلة تكمن في أن عقولنا اللا واعية هي التي تختار أي عقلية تعتمدها حسب الهدف المُراد والأولوية، لكن مع الأسف، يوجد عديد من التحيزات الرئيسة في عملية صنع القرار لدينا تجعلنا نبالغ في تقدير عقلية المحارب التي تمنحنا مكافآت فورية، ونهمل عقلية الكشاف والتزام الأشياء الصغيرة يوميًّا التي لها فوائد كبيرة في المستقبل.
والعامل الرئيس الذي يمنعنا من تبني عقلية الكشاف هو اقتناعنا بأننا نستخدمها فعلًا، فنظن أننا موضوعيون ولا نلاحظ علامات التحيز داخلنا، وهذا يؤدي إلى نتائج عكسية، لأنك كلما اعتقدت أنك موضوعي ازدادت ثقتك بحدسك وآرائك ولن تشعر بالحاجة إلى فحصهما.
والأمر نفسه مع المعرفة، قد يظن البعض أن الحل في المعرفة وأن الناس كلما أصبحوا أكثر اطلاعًا مالوا إلى الحقيقة، لكن تبيَّن أن الناس كلما أصبحوا أكثر اطلاعًا عزفوا عن الحقيقة، لأن الاعتقاد بالتسلح بالذكاء والمعرفة تجاه أمر معين يمنحنا إحساسًا زائفًا بالأمان بخصوص استنتاجاتنا.
فالذكاء والمعرفة مجرد أداتين، يمكّنك استخدامهما من رؤية العالم بوضوح، أو لإثبات رؤيتك للعالم مهما كانت، فليست الأدوات هي التي تجعلك كشافًا، بل ما يجعلك كشافًا هو التفكير بعقلية الكشاف، والأهم التصرف وفقًا لها.
الفكرة من كتاب عقلية الكشَّاف: لماذا يرى بعض الناس الأمور بوضوح
عندما تفكر في شخص يتسم برجاحة العقل والحكمة، ما الصفات التي تتبادر إلى ذهنك؟
قد تفكر في الذكاء والصبر أو الشجاعة، وهذه كلها صفات جيدة، لكن توجد صفة واحدة تعلو ولا يُعلى عليها وهي الدافع لرؤية الأشياء كما هي وليس كما تتمنى، وهذا ما أسمته الكاتبة جوليا جايلف بـ”عقلية الكشاف” وتطالبنا بتبنيها، إذ تساعدنا هذه العقلية على أن ندرك أخطاءنا ونصحح من بصيرتنا، كما تحثنا على مواجهة أنفسنا بكل صراحة، فالحقيقة أننا نخدع أنفسنا أكثر مما ندرك، وحان وقت إدراك هذا الأمر وتغييره.
مؤلف كتاب عقلية الكشَّاف: لماذا يرى بعض الناس الأمور بوضوح
جوليا جايلف: كاتبة ومقدمة بودكاست أمريكية معروفة بعملها في مجالات العقلانية والشك والإيثار الفعال، تشارك في استضافة بودكاست “Rationally Talking” مع الفيلسوف “ماسيمو بيجليوتشي | Massimo Pigliucci” حيث يستكشفان موضوعات تتعلق بالعقلانية والفلسفة والعلوم، كما أنها جوليا إحدى مؤسسي مركز العقلانية التطبيقية (CFAR)، وهي منظمة تهدف إلى تحسين مهارات صنع القرار لدى الأفراد.
ومن أعمالها:
Tribe of Mentors: Short Life Advice from the Best in the World