الشيطان والطفل
الشيطان والطفل
منذ طفولتنا ونحن نعد بعض الخصال خطيرة وشيطانية، مثل الفتاة التي عندما تنفعل لا تشعر بالغضب، بل تعتريها رغبة في النوم، إذ يعد النوم هُنا بديلًا للانفعال الطبيعي، وهذا الاستبدال ثمنه غالٍ، فقد يجعل البعض في اكتئاب أو فقدان طاقة أو انعدام للحماس، وقد يكون ثمنه الانهيار الجسدي والتصرفات غير الواعية. إنّ الاستماع لأصوات الشر بداخلنا ليس عملية سهلة، كما أن التحدث بالأمور التي نرفضها يعد شيئًا كارثيًّا، ولكن الحوار النفسي فعّال لهذا التفريغ، والهدف منه ليس إظهار صفات الشر على السطح، ولكن إدراكها حتى لا تتسبب بالمشكلات اللا واعية الفجّة، وكي لا يتعرّض الشخص لاستغلال صفاته الحسنة إذا كان معتادًا على كبت أي تصرف سلبي تجاه الآخرين.
فجميعنا بشر ولن نعيش متميّزين طوال الحياة، وهذه ليست دعوة إلى الفجور، ولكنها دعوة إلى الشجاعة ومواجهة النفس والاستماع لمطالبها الغريزية، التي تعدها أنتَ رغبات شيطانية، حسنًا.. ربما يُعد بعضها شيطانيًّا بالفعل، ولكنك حينمَا تستمتع إليها وتعترف بها ستمنعها من الظهور الفجائي، على الجانب الآخر وعلى عكس هذه الصورة، يوجد بداخلك طفل هشّ قد دفنتَه أيضًا، وتمت عملية نبذه في بداية حياتك، لذا فإن فقدانه ومن ثم دفنه يعني فقدان بهجة الحياة، لأن ظهوره مهمّ جدًّا، مع ضرورة عدم قيادته إلى عربتنا النفسيّة، إذ إن مثله مثل كل جانب آخر، يحتاج إلى التوزان والاستفادة من طاقته بالشكل السويّ.
إنّ عدم تمييز الطفل الداخليّ، وإدراك ما حصل له قد يجعلنا سببًا في أذية الغير إما بالخطأ وإما بالعمد، إذ إنّ ألم الطفل عميق ويحتاج إلى التعاطف، وأحيانًا قد يودّ الاختباء حينما تُؤذى مشاعره حتى يُلاحظ غيابه، فقد كان يفعل ذلك صغيرًا في الحديقة أيضًا كي يُبحث عنه، ولكن مع الأسف لم يبحث عنه أحد. ويُعد الطفل الداخليّ ذا جانب هشّ وذا جانب مرح عظيم يساعدنا على الإبداع والتخيل والبهجة، أي إنك تستطيع القول إن اكتشافه جامع للجمال والتعقيد.
الفكرة من كتاب فنّ احتواء الذات.. دليلك العملي لفهم نفسك والاستماع إلى أصواتك الداخليّة
متى كانت المرّة الأخيرة التي تحاورتَ فيها مع ذاتك؟ بالطبع يا صديقي ستُصدم من سؤالي، لأننا لا نتحاور مع ذواتنا أصلًا، على الرغم من أن منهج الحوار مع النّفس أحد أقوى الأدوات الموصلة إلى النضج الشخصي، وهو وسيلة لتحسين الوعي، إذ إنّه يساعدنا على استكشاف أعماقنا وشخصيات الظلّ المنبوذة بداخلنا. وهذا الكتاب سيُعلِّمنا معنى التحاور مع الذات وكيفية الكشف عن الأنفس المتعددة.
مؤلف كتاب فنّ احتواء الذات.. دليلك العملي لفهم نفسك والاستماع إلى أصواتك الداخليّة
د. هال ستون: عالم نفس سريري وُلِد عام 1927، تخرّج في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس عام 1953، وتوفي في شهر مايو عام 2020.
د. سيدرا ستون: وهي زوجة الدكتور هال ستون، وُلدت عام 1937 في بروكلين، نيويورك، بالولايات المتحدة.
ومن مؤلفاتهما:
Partnering: A New Kind of Relationship
The Shadow King: The Invisible Force That Holds Women Back
معلومات عن المُترجِمة:
داليا هشام سباعي: كاتبة مصرية الجنسيّة مهتمة بمجال الترجمة، ومن ترجماتها: الدماغ الليلي.