المرأة على الجانب الآخر
المرأة على الجانب الآخر
في عام ١٩٩٥م عانت الفتيات في جزيرة فيجي من اضطرابات غير معهودة للمجتمع حينها، إذ أبلغ عديد من الأهالي عن تطور سلوكيات لدى المراهقات، منها: الامتناع التام عن الطعام أو القيء الذاتي بعد تناول الوجبات، كما اختبر عديد من الفتيات شعورًا بالخزي الجسدي، وتنصب كل هذه السلوكيات المتطرفة في حيز الرغبة في الحصول على جسد نحيف للغاية أو بمصطلح متعارف عليه “الجسد المثالي”، وفي محاولة لتفسير التغيرات الحادثة في ثقافة لم تكن تحتوي من قبل على مثل هذا المعيار الشكلي، وجد العلماء أن سبب هذه الظاهرة كان وصول البرامج الغربية لأول مرة إلى مستخدمي التلفاز في الجزيرة، مما طرح عدة أسئلة، أهمها: كيف يمكن لعدة برامج ترفيهية وبعض الدعايا أن تُحدث هذا الأثر؟
تكمن مشكلة الإعلام الحالية في عدة نقاط منها: الصور غير الواقعية التي يعرضها، إذ أوضحت إحصائية حديثة أن وكالات الدعاية والبرامج الترفيهية وحتى البرامج الإخبارية تسعى لتوظيف نساء يعانين من النحافة المرضية، مروجين بذلك لفكرة أن الجسد المثالي ليس من المهم أن يكون صحيًّا، أما المشكلة الأخرى في ما يتعلق بالصور التي يتبناها الإعلام هي أنها غير ممثلة لجميع الفئات، إذ وجدت دراسة تضمنت أهم المجلات والدعايات الموجهة إلى النساء أن ٩٠% من العارضات كن من ذوات البشرة البيضاء، وأن ٨٠% منهن كن تحت سن الثلاثين، مما يجعل العديد من النساء يشعرن بأن اختلافاتهن الطبيعية أو التقدم في السن نوع من العيوب، كما ربطت الدراسات بين هذه الصور والشعور المتزايد بالغضب والاكتئاب نتيجة فقدان القيمة بين الفتيات في سن المراهقة، إذ أثبتت وجود علاقة طردية بين عدد الساعات المستغرقة في مشاهدة التلفاز والشعور بعدم الكفاية.
ولا يشمل التأثير الإعلامي الآثار النفسية في النساء فقط، بل يمتد ليشمل المجتمع كافة، إذ ربطت دراسة حديثة بين ردود الفعل السلبية على ظاهرة التحرش وشيوع استخدام الأوصاف البذيئة لوصف النساء، وبين مشاهدة الدعايات والأفلام التي صورت النساء في أوضاع غير لائقة كأنهن مجرد أجساد، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي المخصصة لتقديم الذات زادت حدة المشكلة، إذ امتدت المقارنة الآن لتشمل أطرافًا أخرى، فأصبحنا نقارن بين الصور التي ينشرها أقراننا بشكل يومي على وسائل التواصل الاجتماعي وبين أنفسنا، ومع تطور تقنيات تعديل الصور، أصبحنا نقارن بين ذواتنا الافتراضية وصورنا المعدلة وما نراه في المرآة.
الفكرة من كتاب هوس الجمال: كيف يؤذي الهوس الثقافي بالمظهر الفتيات والنساء
في الآونة الأخيرة انتشرت اضطرابات الشهية بشكل مبالغ فيه، بل وتحولت إلى حمية غذائية يمكن لأي مراهقة تبنيها للوصول إلى الوزن المثالي، وتزايد عدد الخاضعات لعمليات التجميل، كما ارتفعت قيمة الاقتصاد القائم على مستحضرات التجميل بشكل مهول، وفاضت منصات التواصل الاجتماعي بالنصائح الضارة للوصول إلى الشكل المثالي.
فما الذي بدأ هذه السلوكيات المتطرفة؟ وهل تحول الجمال إلى سلعة؟ وكيف يمكن للثقافة المحيطة التأثير في منظورنا تجاه الجمال؟ وكيف تؤثر المعايير الشكلية في التقدير الذاتي؟ وما الحل لمواجهة هذه الظاهرة؟ يجيب كتابنا عن هذه الأسئلة وغيرها الكثير.
مؤلف كتاب هوس الجمال: كيف يؤذي الهوس الثقافي بالمظهر الفتيات والنساء
رينيه إنجيلن: أستاذة متميزة في علم النفس في جامعة نورث وسترن، حاصلة على شهادة الدكتوراه في علم النفس العلاجي، كما ظهرت أعمالها في العديد من المجلات الأكاديمية وفي المؤتمرات، وتتم استضافتها بانتظام للمقابلات من قبل صحيفة نيويورك تايمز.
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.