الأرحام المنهوبة
الأرحام المنهوبة
في عام 1977 كشف رايمرت رافنهولت مدير مكتب الحكومة الاتحادية التابع لوكالة التنمية الدولية عن برنامج تطهير عرقي؛ تجنُّبًا للانفجار السكاني وحفظًا لأمن الولايات المتحدة ورعاية مصالحها الاقتصادية ووقايتها من ثورات الشعوب، ورصدت الملايين للأبحاث وتدريب الأطباء على أفضل الوسائل الممكنة.
وتكشف دراسة الأرحام المنهوبة التي يقدمها المؤرخ الأمريكي بروس جوهانسون، الكثير من الأمثلة على تطبيقات هذا البرنامج التي كانت تتم باسم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تحت شعارات الرحمة والإنسانية، ففي رواندا التي شهدت حربًا أبادت ثمانمائة ألف إنسان، قامت الوكالة بتمويل حملة لتعقيم سبعمائة ألف رواندي خلال ثلاث سنوات ورغم ادعاء أن الأمر اختياري فقد كان في الواقع قسريًّا لتحقيق الهدف في المدة المحددة بأي شكل!
أما في البيرو وخلف شعارات “تنظيم الأسرة” فكانت المساعدات تُقدَّم في مقابل الموافقة على التعقيم في ابتزاز لحاجة الناس وادعاء أنهم من اختاروا ذلك، ليكون ضحيتها مائة وعشرة آلاف عام 1997، وكانت الضحية توقع أوراقًا تبرئ الفاعلين وتعفيهم من المحاسبة مهما كانت النتائج، إذ كان أغلبهم أميين ولا يعلمون ما كُتِب في الأوراق، وكان ذلك كافيًا لتغطية موت الكثيرين بعد عمليات التعقيم لضعف الإمكانات وبدائية الوسائل.
وفي البرازيل لم يتغير الأمر كثيرًا، ففي بعض القرى تم تعقيم جميع النساء، حتى انقطع نسلهم تمامًا بعد جيلين فقط، وقد اتهمت الولايات المتحدة بتعقيم نصف نساء البرازيل، وتجاوز الأمر مداه في بورتريكا إذ لم يكتفوا بالتعقيم، بل كانوا يجرون التجارب السرطانية المميتة على السكان الأصليين!
الفكرة من كتاب أميركا والإبادات الجنسية
يعثر الكاتب بالمصادفة على وثيقة وضعها الدكتور الأمريكي هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي عام 1974 بتوجيه من الرئيس جيرالد فورد تضع خطة لتعقيم نساء ثلاث عشرة من دول العالم الثالث من ضمنها مصر في خلال خمسة وعشرين عامًا، وبعد ثلاثة أعوام بدأت الحكومة الفيدرالية الإجراءات العملية، ورصدت الميزانية والوسائل الكافية لتعقيم ربع نساء العالم، واللائي كُنَّ في تقديرهم في ذلك الوقت خمسمائة وسبعين مليون امرأة!
عرَّف الكاتب فكرة أمريكا بأنها “احتلال الأرض واستبدال شعب بشعب، وثقافة وتاريخ بثقافة وتاريخ”، وهي نفسها الفكرة التاريخية لإسرائيل، شعب الله المختار المستحق وحده البقاء!
مؤلف كتاب أميركا والإبادات الجنسية
منير العكش: باحث وأستاذ الإنسانيات ومدير الدراسات العربية في جامعة سفك في بوسطن، حاز عام 1983 وسام أوروبا لحوار الحضارات، وهو مؤسس ورئيس تحرير مجلة جسور.
ألف وترجم أكثر من 22 كتابًا بالعربية والإنجليزية، ويعد من أبرز الباحثين العرب في الدراسات الأمريكية، ومن أبرز مؤلفاته:
تلمود العم سام.
هكذا تكلم محمود درويش.
أميركا والإبادات الثقافية.
أميركا والإبادات الجماعية: حق التضحية بالآخر.