مطبات البشر
مطبات البشر
والآن لنتعرف على النوع الثاني من المطبات، وهو مطبات البشر، وأبرزها المقارنة المدمرة، فالمقارنة التي تحفز على التقدم والتطور يطلق عليها منافسة صحية، لكن المقارنة التي تؤدي إلى الشعور بالقلق والتوتر مقارنة مُدمرة، وهناك عدة أفكار سلبية تؤدي إلى هذا الشعور، مثل الظن بأن للجميع مسارًا واحدًا للوصول إلى القمة التي لا تتسع إلا للقليل، والحقيقة أن الطريق أفقي وليس جبلًا نصعده، والله خلقنا منفردين متميزين ببصماتنا وجيناتنا لنسلك طرقًا مختلفة ونقارن أنفسنا بأنفسنا في الماضي، وإذا شعرنا أننا ننجرف لمقارنة مع شخص ما، علينا أن نبتعد عنه جسديًّا ونفسيًّا وافتراضيًّا.
من المطبات الأخرى التي نتعرض لها التنمر، والشخص المتنمر هو شخص عكس ما نظن، ضعيف وفاقد للثقة بنفسه، يسعى لفرض الهيمنة على أصحاب القيمة العالية، وأفضل رد فعل تجاه المتنمر هو التسامح ولكن بعد توافر شرطين، هما إدراك قيمتنا الذاتية العالية وإدراك ثغرات الشخص المتنمر، وإذا تكررت الإساءة أو النقد، سنضع حدًّا لتلك الإساءات ولكن دون صراخ أو انفعال، وإذا لاحظنا في يوم من الأيام أننا نتعرض للتهميش، فعلينا أن نُدرك أن تقدمنا أصبح يُمثل تهديدًا، والحل أن نتوقف عن عرض قدراتنا والتركيز على من حولنا، على ثغراتهم ورغباتهم في الاستحقاق لنتحكم بهم بدلًا من أن يتحكموا بنا.
لكن في حالة التمسك بحق إظهار التميز، علينا أن نتعلم التعامل الصحيح مع الخلافات، حتى لا نقع في الفخ ونقدم لهم حجة يفصلونا بها عن العمل، ولنتعلم كيفية التعامل مع الباحثين عن المشكلات، لا بد أن نعرف سبب رغبتهم في ذلك، هذا السبب هو الرغبة في الشهرة السريعة عبر إثارة المشكلات مع العظماء، لذا علينا تجاهل الصراعات الصغيرة حتى لا ننجرف لخلافات أكبر، فلا يجب أن ننفعل بل علينا التعامل مع الأمر بعقلانية، وإن لزم الأمر نحاول اكتسابهم أو نعتذر إليهم وهذه ليست إهانة للنفس لأن كلماتنا أصبح لها قيمة، لكن علينا ألا نسمح لروح التسامح بإخضاعنا للاستغلال، فلا ينبغي إرضاء الغير على حساب النفس، والانجراف وراء كلمات كخدوم وشهم.
الفكرة من كتاب المنهج الذي لا يُُدرس
قلق مزمن، وتوتر، وخوف من المستقبل، وتشتت، وضياع، وصراعات يومية سواء مع النفس أو مع الغير، أصبح هذا هو الوضع السائد في عصرنا الحالي، نجتهد في الدراسة، ونستيقظ مبكرًا، ونضع جداول وخططًا بهدف تنظيم الوقت، ونتأهب لقهر أعدائنا، ونتخرج ونعمل باجتهاد، ونستغني عن ساعات الراحة والأوقات الممتعة التي نقضيها مع الأهل أو الأصدقاء بهدف الوصول إلى حالة من الاستقرار والرضا في المستقبل، لكن لا نُدرك أن هذا الاستقرار لا يتحقق بالوصول إلى الأهداف أو بالحصول على الاعتراف من الآخرين،
فالاستقرار يبدأ من الداخل عن طريق زيادة درجة الوعي والشعور بالقيمة الذاتية العالية التي بدورها تحرر العقول لتُبدع، وهذا هو هدف الكتاب، لكن انتبه.. لن تجد هنا خطوات مباشرة للوصول إلى الاستقرار، بل سنعرف معًا معوقات الوصول إلى الاستقرار الداخلي، ومن ثم سنصبح قادرين على تكوين المنهجية الخاصة بنا.
مؤلف كتاب المنهج الذي لا يُُدرس
خولة فؤاد على: طبيبة بحرينية، استشارية في أمراض الغدد الصماء والسكري والسمنة، وأستاذة مساعدة بالكلية الملكية للجراحين بأيرلندا – جامعة البحرين الطبية، تخرجت في مستشفى وايل كورنيل بنيويورك، ومستشفى كليفلاند كلينك بالولايات المتحدة الأمريكية، ويتابعها أكثر من ٢٠٠ ألف متابع، وشاهد محتواها ما يزيد على مليون شخص من مختلف الدول العربية والعالمية، فهي تُعد من رواد التثقيف الطبي والحياتي في وسائل التواصل الاجتماعي.