استراتيجيَّة الانكماش
استراتيجيَّة الانكماش
تتحرك الشركاتُ من خلال الاستراتيجيَّات السابق ذكرها إلى الأمام، لكن بمجرد أن يتراجع أداؤها، وتتعرض للخسائرِ، تكون استراتيجيَّة الانكماشِ بديلًا مُناسبًا، فتبدأ الشركةُ في اتخاذِ قراراتٍ تتفاوت في الحدةِ من الأقل حدة كالحد من النفقاتِ، إلى الأكثر حدةً كالتخلي عن بعض الوحداتِ وإعلان الإفلاس، فالقرار يُتَّخذ على حسب طبيعةِ الوضعِ الحالي للشركة، وكل وضعٍ يحتاج إلى إتباعِ استراتيجيةٍ مُختلفةٍ، وتنقسم استراتيجيَّة الانكماشِ إلى استراتيجيَّاتٍ عدة.
وتُعتبر استراتيجيَّة الالتفافِ هي أقل استراتيجيَّاتِ الانكماشِ حدة، إذ تهدف إلى إعادةِ الشركة من التراجعِ إلى النموِّ من خلال مرحلتين، وهما خفض بعض التكاليف والنفقات، فيكون خفض التكاليف عبر تقليلِ إنتاج بعض الوحداتِ، وتقليصِ بعض الخدماتِ، وتخفيض بعض النفقات مثل نفقات الإعلاناتِ، ثُمَّ مرحلة التقويةِ والدعمِ عبر وضعِ خطةٍ للحفاظِ على الوضعِ الجديدِ.
أما استراتيجيَّة التجريدِ فتُعد أكثر حدةً، لأن الشركةَ تسعى إلى التخلي عن الأقسامِ والوحداتِ التي تُسبب لها المتاعبَ، وتختلف عنها استراتيجيَّة الشركةِ الأسيرةِ، لأنها خاصةٌ بالشركات التي تُقدم خدماتِها لشركاتٍ أخرى، وتعاني من ضعفِ موقفِها التنافسي، فتُقدم عرضًا بأن تبقى أسيرةً لواحدةٍ من أكبرِ عملائها، ويتم إبرام عقدٍ طويلِ الأجل، فتخسر الشركةُ جزءًا من استقلاليتِها مقابل الحدِّ من نفقاتِها وتعزيزِ موقفِها أمام الدائنين والموردين.
وعندما تفشل الشركةُ في تطبيقِ أي استراتيجيَّةٍ من الاستراتيجيَّات السابقةِ، تلجأ للحل قبل الأخير، وهو استراتيجيَّة البيع للغير، فتقوم الشركةُ بعرضِ نفسها للبيع على شركةٍ أخرى، وإذا انعدم هذا الخيار أمام الشركة، لا يتبقى لها سوى الخيار الأخير، وهو استراتيجيَّة إعلان الإفلاس، ويشمل التقدم بطلبِ حمايةٍ من الدائنين، وهو طلب تتقدم به المؤسسةُ للحصولِ على مُهلةٍ لإعادةِ الهيكلة بهدف العودةِ إلى الربحِ وتسديدِ الديون، وإذا تجاوزت الشركةُ المهلةَ المحددةَ من دون إعادةِ الهيكلة وتسديدِ الديون، يتم تسييل أصولها بهدف تسديدِ الديون.
الفكرة من كتاب النمو – الانكماش – الاستقرار : كيفية اختيار البديل الاستراتيجي لمشروعك
ظلت شركةُ Bucyrus Erie الأمريكيَّة مُسيطرةً على سوقِ الحفاراتِ الميكانيكيَّةِ، إذ كَانتْ تستحوذ على النسبةِ الكبرى من المبيعات في ظل وجود اثنتين وثلاثين شركة أخرى، ويرجع ذلك إلى تلبيةِ احتياجاتِ مقاولي حفرِ القنواتِ والمشاريعِ الكبيرة، من خلال توفيرِ حفاراتٍ ذاتِ سعةِ استيعابٍ وحمولةٍ كبيرةٍ.
كان الوضعُ مستقرًّا ولا يوجد داعٍ للتغيير، حتى أحدثتْ شركةٌ بريطانيَّةٌ ناشئةٌ تُدعى JC Bamford ثورةً عبر تطوير تقنيةٍ جديدةٍ في الحفارات، تعتمد على نظام قوةِ الدفعِ الهيدروليكي بدلًا من نظامِ الكابلات، وعلى الرغم من إدراكِ شركة Bucyrus Erie للتغيير، تمسكت بتصنيعِ الحفاراتِ التقليديةِ لمجرد أن سِعتَها تفوق سعةَ الحفاراتِ الجديدةِ، لكن بعد مرور عشر سنواتٍ، أصبحت الجرافاتُ الجديدةُ في السعةِ وقوةِ الدفع ذاتها للجرافاتِ التقليديةِ وبنسبِ أمانٍ أكبر، ليتجه عملاءُ Bucyrus Erie إلى النوعِ الجديدِ، وتخسر مكانتَها الرياديةَ.
قررت شركةُ Bucyrus Erie اختيار عدم تغيير أيّ شيء، ولم تُدرك نتيجةَ هذا القرار الخطأ إلا بعد فواتِ الأوان، ولنتجنب هذه الخسارة، نتعرف من خلال هذا الكتاب على البدائلِ الاستراتيجيةِ، وعلى كيفية اختيار البديلِ المناسبِ منها.
مؤلف كتاب النمو – الانكماش – الاستقرار : كيفية اختيار البديل الاستراتيجي لمشروعك
محمد الباز: رائد أعمال مصري ورئيس مجلس إدارة مجموعة شركات الباز، حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة عام ١٩٩٩ من جامعة المنصورة، وعلى درجة الماجيستير في إدارة الأعمال من معهد أستراليا لإدارة الأعمال عام ٢٠١٢، بالإضافة إلى المستوى الأول من شهادة مدير محافظ مالية معتمد لدى هيئة سوق المال من الجمعية المصرية لإدارة الاستثمار، أسس عديدًا من الشركات والمبادرات منها مبادرة “اعمل بيزنس” في عام ٢٠١٢ التي كانت نواة لإنشاء “أكاديمية اعمل بيزنس” في عام ٢٠١٧، التي تضم نخبة من المحاضرين ذوي الخبرة في مجال إدارة الأعمال لتقديم النصائح والعلم إلى أصحاب الأعمال، أطلق أيضًا سلسلة كتب “اعمل بيزنس” من تأليفه، منها:
المسار الوظيفي.
مستهدف المبيعات.
إتقان فن البيع والإقناع.
كيف تُصبح مديرًا ناجحًا ومحبوبًا؟