نظرة شاملة للقيم
نظرة شاملة للقيم
إذا انطلقنا من قدرة الإنسان على الاختيار ووجود بعض الحرية التي يتمتَّع بها وهو مما اتفقوا عليه جميعًا، وجدنا عدة عوامل تقيِّد هذه الحرية منها: الطبيعة والمجتمع، وهي مما لا يستطيع الإنسان الانفصال عنه إلا بالخيال والتفكُّر فيما هو خارج عن هذا الواقع الملموس.
وإن كل هذا التفكير خارجًا عن الواقع فلا يلبث أن يعود ويؤثر فيه، فتصبح العلاقة بين الفرد والمجتمع علاقة تبادلية يتأثر فيها كلاهما بالآخر، ولأن القيم لا تخلو من نوع اتصال بجوانب الحياة، فلا مانع من الاستعراض السريع حول علاقة القيم ببعض هذه الجوانب.
أول هذه الجوانب هو الفلسفة، فكما أن الاهتمام الرئيس للعلوم يتمثَّل في معالجة الجزئيات وتفسيرها، فإن اهتمام الفلسفة هو إعطاء معنى كلي لهذه الجزئيات.
والفلسفة لم تكن قط مقطوعة الصلة بالعمل، بل إن فكر الإنسان هو المحرك الرئيس له، وأقوى دافع له على العمل.
وأمَّا عن علاقة القيم بالدين، فإن الأديان تتميَّز بكونها موقفًا قيميًّا صريحًا يعطي تفسيرًا لما عليه الكون وما ينبغي أن يكون عليه، ولا يخفى كون الدين هو أكبر المحركات القيمية لدى الإنسان على مر العصور.
وأمَّا علاقة القيم بالفن فإن العمل الفني يتميز بأنه ليس مجرد جمع لعدة أشياء مادية، بل يحتوي معاني قيمية بداخله، يتفاعل معها الإنسان لأنها تشبع احتياجًا لديه في السمو إلى إدراك ما وراء المادة.
وأمَّا علاقة القيم بالعلم فاختلفت الآراء؛ فمن قائل ينكر وجود صلة للقيم بالعلم، سواءً لخشية سطوة العلم على جميع جوانب الحياة أو إذعانًا إلى سلطان العلم ونفي ما عداه من المدركات.
ومن قائل يرى وجود نوع صلة بين القيم والعلم، حيث إن العلم أحد جوانب الفاعلية الإنسانية.
الفكرة من كتاب نظرية القيم في الفكر المعاصر
ومن خلال آراء من قام بمحاولة الإجابة على هذه التساؤلات، سنجد من يغوص داخل النفس الإنسانية باعتبارها محلًّا للقيم، ومن يبحث في المجتمعات باعتبارها موضع أثر هذه القيم، ومن يبحث في الطبيعة باعتبار كون الإنسان جزءًا منها، ومن يبحث فيما وراء الطبيعة بحثًا عن معانٍ لا تدرك بالحواس، وإنما تدرك بالعقل والفكر.
فماذا تعني هذه القيم؟ وماذا كانت آراء من قاموا بتفسير طبيعة القيم والمسائل التي تتعلَّق بها قديمًا وحديثًا؟ وهل القيم من صنع البشر أم أن وجودها يأتي من خارج هذا العالم؟ وهل القيم مجرد وسيلة إلى غاية أعظم منها أم أنها غاية تُطلَب لذاتها؟
ومن خلال آراء من قام بمحاولة الإجابة على هذه التساؤلات، سنجد من يغوص داخل النفس الإنسانية باعتبارها محلًّا للقيم، ومن يبحث في المجتمعات باعتبارها موضع أثر هذه القيم، ومن يبحث في الطبيعة باعتبار كون الإنسان جزءًا منها، ومن يبحث فيما وراء الطبيعة بحثًا عن معانٍ لا تدرك بالحواس، وإنما تدرك بالعقل والفكر.
يُحدِّثنا الكتاب حول طبيعة القيمة، والمواقف والآراء المختلفة التي قيلت فيها، ويجيب في النهاية عن بعض الأسئلة المهمة التي تتعلَّق بموضوع القيمة.
مؤلف كتاب نظرية القيم في الفكر المعاصر
صلاح قنصوة: مفكر وفيلسوف مصري، ولد في القاهرة عام 1936م، حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة القاهرة، وعمل رئيسًا لقسم الفلسفة في جامعة الزقازيق، كما حصل على دكتوراه في مناهج البحث من دولة النرويج.
أعطى اهتمامه الأكبر في مؤلفاته إلى علم الفلسفة، ويعدُّ الكتاب الذي في أيدينا من أهم الكتب التي ألَّفها، وله عدة مؤلفات أخرى مثل: “كتاب فلسفة العلم”، و”اغتراب العلم”، و”في فلسفة الفن”، و”العلم والدين وأسلمة العلم”، إلى غير ذلك من المؤلفات الفلسفية الأخرى.