ماذا لو؟
ماذا لو؟
يحكي الكاتب أنه خرج مع ابنه الذي أصرَّ على قيادة السيارة قبل حصوله على رخصة القيادة، وفي لحظة طيش كان سيتسبَّب في حادث ضخم، حمل هذا الموقف الكاتب على تخيُّل مصير الأسرة لو صار، ما الاحتمالات القائمة؟ هل يتوفَّى أحدهم؟ ما مصير أسرته وأسر المتضررين؟ إلام سيؤول حال الأم؟
دعنا من تلك الاحتمالات، ولنتخيل قصة أخرى؛ أركانها أب أرسل ابنه ليبتاع له الفستق، وفي الطريق ارتطم بأحدهم في حادث بسيط نشب عنه شجار احتدم حتى دفع الابن الرجل ليموت من أثر الصدمة، فتلقي الشرطة القبض على الابن ويترك حبيسًا في سجنه إلى أن ينطق القاضي بالحكم، فإن افترضنا أنه قتل غير عمد، وأن للمقتول طفلًا يبلغ من العمر شهورًا معدودة، فسيترتَّب على ذلك بقاء الابن معتقلًا حتى يبلغ الصبي سن الرشد ثم يخيَّر بين الصفح أو القصاص، حينها سنجد الابن فعليًّا قد بلغ من العمر ما بلغ، وضاع كله هباء في السجن بلا مستقبل، وبالرجوع إلى أصل تلك المأساة سنجده مجرد “فستق”.
هكذا حال الدنيا يغيرها الفعل البسيط وإن كان بسيطًا، ويكلفك الثمن الباهظ على كل خطأ تقترفه بلا سبيل للرجعة، لذا على المرء إدراك حجم فعله وما سيترتَّب عليه مهما بدا صغيرًا، لأن تلك الأخطاء على تفاهتها فهي مسبِّبة للمصائب الكبيرة، فإن تلافيت الصغائر نجوت من الكبائر، ولا يكون التلافي إلا بالوعي التام بعواقب الأمور قبل الشروع.
ماذا عن الحظ؟ هل يخطئ طريق بعضنا ويختص آخرين؟ هل يمكن أن نعول عليه مآسينا كالحادث السابق؟ بالتأكيد يلعب القدر دورًا في حياتنا، لكنه يتركنا أمام مساحة كافية لنضع بصمتنا بقرارات تصنعها عقولنا وأيدينا، لذا فالحظ ليس بصدفة جاءت من العدم، بل هو اختيار صنعه الذكاء البشري، امتاز به البعض لقدرتهم على استغلال مواهبهم في خلق الفرص واقتناص الإيجابيات مما يحيط بهم، ولقدرتهم على الفصل بين أخطاء الماضي وأزماته والبدء من جديد مؤمنين دائمًا باستحقاقهم للنجاح.
الفكرة من كتاب نظرية الفستق
تسير الحياة بين كثير من المتناقضات كالعسر واليسر والحزن والفرح، وبين فعل ورد فعل تراها تتبدَّل إلى حال لم تعهده فتدرك مدى هشاشتها، حول هذا المنطلق تحدَّثت نظرية الفستق، تلك النظرية التي وجدت طريقها إلى النور صدفة دون تخطيط من الكاتب، لكن عقل المفكرين الدائم العمل والابتكار أخرج من الموقف العابر قانونًا يصلح لكل الأجيال والأحوال، على ذلك لم يقصر حديثه عليه، بل صاغه في مقال يقع ضمن ما يربو على الستين مقالًا، تتنوَّع مجالاتها بين تطوير الذات وطرق التفكير والإدراك والسلوك الإنساني.
لكن ما علاقة الفستق بمضمون الكتاب؟ هل حب الكاتب له دفعه إلى ابتكار نظرية باسمه؟ أم أن الفستق يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعلوم الإنسانية؟ تلك تساؤلات لن تجد إجابة لها إلا باكتشاف الصفحات القادمة.
مؤلف كتاب نظرية الفستق
فهد عامر الأحمدي: صحفي سعودي من مواليد عام 1966، تعدَّدت أنشطته بين الترحال والإعلام والتأليف وكتابة المقالات التي بلغت أرقامًا قياسية من حيث العدد، أما من جانب الحجم فقيل إنها توازي خمسين رسالة دكتوراه.
ذاع صيته تحديدًا من خلال زاويته “حول العالم” التي احتلَّت الصفحة الأخيرة في جريدة “المدينة” قبل انتقاله إلى صحيفة “الرياض” عام 2006، فكان لتلك المقالات متنوِّعة المجالات فضل كبير في إثراء الصحافة وجذب القراء، حتى لقب بـ: “أنيس منصور السعودية”، وقد بلغت مؤلفاته ستة عشر كتابًا، من أبرزها:
نظرية الفستق “الجزء الأول والثاني”.
شعب الله المحتار.
أسرار الاستمرار.