المهمة
يكمن حل مشكلة ازدواجية نظام التعليم بوجهيه الأكاديمي اللا ديني والمنفصل أو المهمش الديني في خطوتين، الخطوة الأولى هي محاولة دمج النظامين للاستفادة من مميزات كل نظام وتلافي عيوب الآخر، فالرؤية الإسلامية في النظام الديني تحتاج إلى أموال ودعم الدولة التي يحصل عليها النظام الأكاديمي، كما سيستفيد أيضًا من أساليب التدريس المعاصرة، بهدف إيصال المعرفة في النهاية إلى تحقيق غايات الإسلام، بدلًا من نسخ وتقليد أعمى لنظام تعليمي آخر مفتقد للتوجيه الصحيح، أما الخطوة الثانية فتكمن في غرس الرؤية الإسلامية في نفوس وعقول الأطفال لكي تصبح طبيعة فيهم، يهتدون بها عن اقتناع ويتشربون قيمها الحقيقية، بدلًا من الارتباط بالإسلام بعلاقة تقليد وراثية قائمة على العواطف.
يمهد الطريق لغرس الرؤية الإسلامية بدراسة الحضارة الإسلامية من نواحيها كافة، سواء على صعيد المنجزات الحضارية المادية من اختراعات في مختلف العلوم، أو على مستوى المساهمة في التراث الإنساني وتقديم نماذج صالحة للبشرية، ويفضل ذلك بالتدريس الإجباري لطلاب السنوات التعليمية ما قبل الجامعية أو المبكرة، لإعادة وصل الأفراد بجذورهم، وإحياء الإحساس بالانتماء إلى هوية جامعة مشتركة لا تحدها لغة أو حدود جغرافية أو قوميات، واستحضار صور صراع جانبي الحق والباطل ومتابعة تطوره والأشكال التي يتمثل فيها، ومدى عدوانية الحضارة الغربية وما ارتكبته في حق الشعوب الإسلامية في مرحلة الاستعمار وما بعدها، وكيف حاولت إعادة تشكيل وصياغة أفكار الأمة وهويتها.
كل هذا يؤدي في نهاية المطاف إلى إسلامية المعرفة الحديثة، واتباع رؤية مختلفة للكون وعودة للهوية والجذور، واسترجاع الإسلام مركزيته بوصفه حاكمًا وموجهًا ومصححًا لمعارف العلوم المختلفة وعلاقة بعضها ببعض، وكذلك تقييم أهدافها ووسائلها، فالمعرفة تقوم بجانب مناهج وطرق البحث على أسس أو أصول مستمدة من بيئتها، تجيب عن تساؤلات أفرادها وتكون غاياتهم هي غاياتها المنشودة، وهنا تقع المسؤولية على عاتق العلماء لاستيعاب هذه الأصول والأسس وتناولها بالتحليل والنقد والتنقية، لإخراجها في صورة تتفق مع الرؤية الإسلامية الكلية.
الفكرة من كتاب إسلامية المعرفة (المبادئ العامّة – خطّة العمل – الإنجازات)
المعرفة تعبر عن طريقة رؤية الإنسان لنفسه وللكون وللإله، لها غايات وأهداف تحاول الوصول إليها بوسائل محددة، وتقوم العلوم الإنسانية والطبيعية وغيرها على أسسها، وتصطبغ المعرفة بألوان الهوية مشكّلة الإطار القيمي والأخلاقي الحاكم والموجه لمنهجية بحث وعمل الأفراد، فلا يصح أن تكون المعرفة مستمدة بأصولها وغاياتها ووسائلها من مصدر مختلف الهوية كالغرب، أو أن تكون منقطعة عن البيئة المحيطة تاريخيًّا ونفسيًّا، فما العلات التي تعاني منها الأمة على المستوى الفكري والتربوي؟ وما المهمة التي اتخذ المعهد مسؤولية تنفيذها على عاتقه؟ وهل هناك أنواع متعددة من المعارف، وإن وجد فما هي المعرفة الإسلامية؟ وما هي مبادئ إسلامية المعرفة وخطة عمل المعهد؟
مؤلف كتاب إسلامية المعرفة (المبادئ العامّة – خطّة العمل – الإنجازات)
المعهد العالمي للفكر الإسلامي: مؤسسة خيرية غير هادفة للربح ترتكز جهودها في المجال الدعوي والتربوي والمعرفي بهدف الارتقاء بالأفراد في المجتمعات الإسلامية، من خلال إسهامات مختلفة كنشر الكتب والأبحاث والدراسات، وإقامة الندوات والمؤتمرات والأنشطة المختلفة، والتدريس.
تأسس في عام 1981م بشكل مستقل عن أي أيدولوجية حزبية، ويقع مقره الرئيس في ضواحي واشنطن ولديه اليوم عدد من الفروع في مختلف عواصم البلدان.