علمٌ أم زيف؟
علمٌ أم زيف؟
للناسِ في البوح والشكوى سُبلٌ مختلفة، البعض يشكو إلى ربه، وكلما اشتدت الأزمة زاد إقباله على الله. والبعض يشكو إلى ذوي الحكمة والمروءة والأمانة من المختصين والأصدقاء يستشيرهم ويستنصحهم، فيريحونه ويعينونه على فهم مشكلاته من زوايا مختلفة وإيجاد حلولٍ واقعية لها. والبعض –مع الأسف- يقع في مشكلةٍ حين يلجأ إلى معالجين ومختصين أبهرتهم المناهج الغربية فاتبعوها بمحاسنها ومعايبها، ونظروا إلى الإنسان على أنه جسد مادي متناسين أمر الروح، وتاركين نور الوحي، فلا يعالجون الإنسان على أنه المكرم خليفة الله في أرضه الذي نفخ فيه من روحه، بل يعالجونه كأنه حيوان ناطق يستمدون معلوماتهم عنه من أساطير إغريقية مثل عقدة أوديب أو عقدة إلكترا اللتان بنى عليهما فرويد تحليلاته، أو من تجارب على الحيوانات كما في مدرسة العلاج السلوكي، وإن كان كثيرٌ من نتائجها حسنًا ومقبولًا ونافعًا فلا يُمكن أن نعتد بكل النتائج ونسلِّمَ بها كما يفعل من يبرر الشذوذ الجنسي بسلوك بعض الحيوانات.
ولا تُعالج المشكلات النفسية معالجة حقيقية بغير فهمٍ لحقيقةِ أن الدنيا دار ابتلاء، و إيمان بالقضاء والقدر، وفهم لقيمة الإنسان أو لغايةِ حياته، وبحسن التعامل مع جوانب الإنسان المختلفة؛ الوجداني والعقلي والروحي والسلوكي.
ولكننا نجد مِن مختصي الصحة النفسية مَن يُحرفون الدين ليتماشى مع القيم الغربية، أو يقترحون لعلاج وساوس العقيدة مثلًا ترك الدين وأخذ استراحة منه لبعض الوقت، أو يتعاملون مع الإنسان كأنه آلة لا تحتاج إلا إلى دواء وإرشادات جافة، أو يعززون في الناس التمركز حول الذات وتناسي المسؤوليات، ونجد من يُقيم جلساتِ دعمٍ فردية أو جماعية مشتتة بلا معايير ثابتة. وكل هذا لا يُفلح في علاج الإنسان علاجًا حقيقيًّا، بل يزيد من معاناته. ونجد من يتجه إلى مصادر غير صالحة ليسد بها الحاجات الروحية للناس مثل من يُروجون لقانون الجذب وعلم الطاقة الزائف، المستمد من الديانات الشرقية الوثنية، فيُخالِف المنهج العلمي السليم ويمزج الحقائق بالسفسطة والوهم، ويحيد عن المشكلات الحقيقية، وعند الحديث عن علم الطاقة، يواجه المتأثرون به الحقيقة بالإنكار أو الغضب أو محاولة إثباته ولكن بعضهم يُسلِّم به ويَسلم من شروره.
الفكرة من كتاب لصوص الصحة النفسية أين ذهبت الطمأنينة والسوية النفسية؟
نواجه في حاضرنا كثيرًا من لصوص الصحة النفسية، الذين يسرقون السوية والطمأنينة من حياتنا، ويستهدفون الشباب بخاصة. وإذا توجهنا إلى مختصي الصحة النفسية طلبًا للعلاج وجدنا كثيرًا منهم يسرقون من صحتنا النفسية أيضًا!
وهنا نحدثكم عن بعض أولئك اللصوص وكيف ينبغي لنا أن نتعامل معهم، ونروي شيئًا من حكايات التعافي المختلفة عما هو شائع عند لصوص الصحة النفسية.
مؤلف كتاب لصوص الصحة النفسية أين ذهبت الطمأنينة والسوية النفسية؟
نور النومان، اختصاصية نفسية وتربوية، وباحثة أكاديمية في مجال التربية والصحة النفسية. تخرجت في كلية التربية بجامعة دمشق، وحصلت على دبلوم تربوي عام، وماجستير في الصحة النفسية من معهد البحوث والدراسات العربية.