لماذا يستعبد البشر بشرًا آخرين؟
لماذا يستعبد البشر بشرًا آخرين؟
بالانتقال إلى مسألة الاستعباد، فلنعلم أن الأديان “الروحية” جاءت بعد ظهور الرقِّ وترسُّخه في المجتمع الإنساني بآلاف السنين، وما زاد الأمر تعقيدًا هو أن بعض ممثلي الأديان قد انساقوا وراء المصالح، فنجد الكنيسة الأوروبية قبلًا كانت تدعم الرق وتقرُّه، لكن لا يمكن إنكار تلطيف بعض الحضارات القديمة من تلك القسوة، فالحضارة المصرية كانت تجيز معاملة الإماء كالنساء الحرائر، وكان يتم إعدام من يقتل الرقيق.
وجاء دين الإسلام الذي كان أول ما علا وترفَّع عن كل مصلحة مادية وانتصر للروح بعد أن كان صريحًا في أمر الاسترقاق وتحريمه وتشجيع تحرير العبيد، ولقد كان باستطاعته المرور بنظام الرق في العالم وتركه، خصوصًا أن هذه المسألة كانت تحمِّل المسلمين خسارةً كبيرة سواء في الإعتاق أو حتى في مصالحهم، ونتذكَّر هنا أبا قحافة -والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه- لما أخذ على ابنه بذل المال الكثير في سبيل العبيد حتى أنه كاد يتعرَّض للفقر، لكن لنعلم أن الإسلام اعتنى بالفضيلة والروح ولم يحفل بالمصلحة المادية، فقال صراحةً إن المؤمنين إخوة وأنه لا فضل لمسلم على مسلم إلا بالتقوى.
ولقد حصر الإسلام الرق في سبب واحد من أسباب الاسترقاق؛ ألا وهو الأسر في الحروب وليس بالنخاسة والاختطاف، كما أوجب على المسلم قبول الفداء أو المَنِّ -إعتاق الأسير بغير فداء- والرفق حتى في مجرد الكلمة حين نصح النبي أصحابه بأن لا يقول أحدهم “عبدي وأَمَتي” وأن يقولوا “فتاي وفتاتي وغلماني”، وأما ضرب الرقيق فأصبح ذنبًا كفَّارته العتق.
الفكرة من كتاب داعي السماء.. بلال بن رباح “مؤذن الرسول”
لكلِّ صحابيٍّ جليلٍ قصته في إسلامه التي جعلته رمزًا للمسلمين، لكن بلال (رضي الله عنه) كان أمره مختلفًا، ولعلَّ ما قد قوي به بعض الصحابة هو قبيلتهم التي لم تكن ترضى استباحة دمهم ولو تركوا الوثنية واتجهوا إلى الإسلام، لكن بلالًا لم يكن له أحد، بلى ولكن كان معه الواحد الأحد.
أراد العقاد أن يختلف هذا الكتاب عن سلسلة العبقريات، فخصَّصه لدراسة متعمِّقة في العنصرية وتاريخها وبشكل خاص الجنس الأسود “الزنجي”، وذلك قبل أن يبدأ في تاريخ هذا الصحابيِّ الجليل الذي صاحَبَ النبيَّ في كل خطوةٍ، وكانت آخر كلماته “غدًا نلقى الأحبة”.
مؤلف كتاب داعي السماء.. بلال بن رباح “مؤذن الرسول”
عباس محمود العقاد: هو أديب ومفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب بمصر، يُعتبر أحد أبرز كُتَّاب القرن العشرين في مصر، وأحد الموسوعيين الذين قرأوا في مختلف العلوم الإنسانية، كما أثرى المكتبة العربية بأكثر من مائة كتاب في مجالات متنوِّعة، ومن أهم مؤلفاته:
سلسلة العبقريات.
هتلر في الميزان.
التفكير فريضة إسلامية.