مصير دعوة الشيخ وآثارها
مصير دعوة الشيخ وآثارها
لقد رُمي الشيخ ابن عبد الوهاب بالكفر والزندقة كما فُعل مع ابن تيمية من قبل وكما يُفعل مع أي عالم يمس مقدسات الناس البدعية بسوء، مثل الشيخ محمد عبده في مصر والشيخ أبي العباس التيجاني في المغرب. ورغم ذلك نجحت الدعوة الوهابية وأحدثت تغييرات جذرية داخل الجزيرة ثم تعدَّت آثارها حيث تبنَّاها ودعا إليها السيد أحمد في الهند وحارب البدع ولقي منهم الإنجليز العَنت في صدِّهم، وفي اليمن جاهد الشوكاني على ما جاهد عليه ابن عبد الوهاب رغم أنه لم يلتقِه، وكان للحركة السنوسية الليبية أثر كبير في تصفية عقيدة التوحيد من شوائب الشرك.
إنَّ السبب في نجاح دعوة ابن عبد الوهاب دون غيرها من دعوات سابقة ولاحقة هو اجتماع السنان مع اللسان في تثبيتها ونشرها في أقطاب الجزيرة، ذلك لأن الشيخ عرض الدعوة على الأمير سعود فقبلها وتعاهدا معًا على محاربة البدع ونشر التوحيد وإخضاع الأمراء لها بالقوة إذا لم يذعنوا باللين ودخل الناس فيها أفواجًا، ولذلك استشعرت السلطنة العثمانية الخطر من هذه الدعوة ورأتها تهدِّد سلطانها فحاربتها في غير جولة، وكانت الغلبة بينهما سجالًا.
أما سبب معارضة كثير من شعوب المسلمين لها ونفورهم منها فهو التفافهم حول الدولة العثمانية حمايةً لكيان العالم الإسلامي ووحدته، ولأن الأسلوب العنيف الذي انتهجه أتباع الدعوة والمسارعة في هدم كثير من الآثار والقباب هيَّج عواطف الشعوب ونفوسهم ضدهم، وبخاصةٍ أن أكثرهم لم يفهم جوهر الدعوة. وكذلك لأنهم اقتصروا على مواجهة البدع والتعليم الديني ولم ينظروا إلى الحياة المدنية بشيء والارتقاء بالعلم الحديث والحياة العقلية حتى هاجموا كل مستحدَث، وبعضهم كان ينظر إلى الأقطار الإسلامية التي تنتشر فيها البدع على أنها دار كفر وحرب!
الفكرة من كتاب من زعماء الإصلاح
هذا عرض سريع لحياة أربعة من الرجال المجددين، كان لجهودهم صدًى واسع وأثر عميق في نقل مجتمعهم نقلات جذرية، فمن تصفية العقيدة ودحض البدعة بفضل محمد بن عبد الوهاب، إلى نهضة تعليمية كبيرة على يد علي مبارك، إلى خطيب الثورة العرابية ومجدد الأدب عبد الله النديم، ثم تنبيه من الكواكبي عن طبائع المستبدين وأحوال البلاد والعباد.
مؤلف كتاب من زعماء الإصلاح
أحمد أمين: وُلد في حي المنشية بالقاهرة عام ١٨٨٦، وتُوفي عام ١٩٠٤، وتدرَّج في التعليم من الكتَّاب إلى الأزهر إلى مدرسة القضاء الشرعي، وعُيِّن لنبوغه مدرسًا بها في سن مبكرة ثم عمل قاضيًا في عدة محاكم شرعية، ثم اختاره طه حسين للتدريس في كلية الآداب وحصل منها على شهادة دكتوراه فخرية، وكان ميَّالًا إلى الإضافة والتجديد ويرفض الجمود والتصلب.
من مؤلفاته:
– سلسلة موسوعة التاريخ الإسلامي.
– سلسلة فيض الخاطر.