نقاط التلاقي بين العلم والدين
نقاط التلاقي بين العلم والدين
لم يكن مجديًا أن تحاول العقائد الدينية تسخير العلم، فقد تحرَّر العلم من هذا الرق، وكأنما انعكس العلم وأخذ ينذر بقضاء الأديان، لكن الدين ظل راسخًا في وجه العلم وأثبت قدرته على البقاء والصراع لأجل الإنسانية، فَالتصادم الذي ظهر بين الدين والعلم هو تصادم دنيء أدنى أن يكون بين الروح العلمي والروح الديني، فالأُسس التي بنيت على العقائد الدينية أقوى من العقائد التي يحملها العالم، فالدين يقدم مسائله على أنها عقائد يجب الإيمان بها، أي يجب أن يتقيَّد بها العقل والوجدان، ويعرضها في صورة تدل على اتصال الإنسان بنوع من الأشياء يعجز علمنا الطبيعي عن إدراكه.
الصراع يتجه نحو الأبحاث العلمية الحديثة في الأديان، وهي المقصودة في الدراسة، وهي التي تتوجَّه ناحية اللغة، فالمراد بالدراسة في الدين ما تتعين به الخصائص التي لا بد لكل دين منها، والتي لا يسمى الدين إلا بها، فَالبحث في تعريف الدين مرتبط أشد ارتباطه بالبحث في أصول الدين، فحقيقة الشيء مكنونة في العناصر المكونة الأولى وفي أبسط المظاهر، فاللغة تكمن في الدور الأول في تكوين اللغة، وقد ظهر ذلك في القرن التاسع عشر، وهذا بدوره موصل إلى علم اللغات الإنسانية، وهذا وصَّلنا إلى إدراك العناصر الفكرية الإنسانية واكتشاف الجراثيم المدسوسة في الدين.
يعرف الدين بتعريفات مقدَّسة تخرج عن كونها سحرًا، فالسحر لفظ مختلف عن لفظ الدين، فالسحر ينفر من الدين نفور الدين منه، فكلاهما لا يمكن جمعهما في أي مكان، فالسِّحر يعد امتهانًا لكل ما هو مقدس وأفعاله تعارض الألفاظ الدينية، والدين يحرم الأفاعيل فإنه ينظر إليها غالبًا نظرة ازدراء وإنكار، لكن الفرق الرئيس هو أن العقائد الدينية على الحقيقة هي دائمًا مشتركة بين جماعة مُعينة تؤمن بها وتعمل ما يسايرها من العبادات، فليست هذه العقائد مقرَّرة محقَّقة بمجرد إيمان كل فرد من الجماعة بها، فالإنسان هو أولًا ذات مفكرة واللغة أول مظهر من مظاهر تفكيره الديني وغيره.
الفكرة من كتاب الدين والوحي والإسلام
من المؤلم غاية الألم أن ترتكب الجرائم باسم الإسلام وباسم شريعته السمحاء نوافذ العمليات المدمرة مع صيحات التهليل والتكبير، ودعوى الجهاد والاسترشاد في سبيل الله، الأمر الذي استغله بعد ذلك الغرب والمستشرقون في تشويه صورة الإسلام، وتقديمه للعالم بحسبانه دينًا همجيًّا متعطشًا إلى سفك الدماء وقتل الأبرياء وأنه يحرِّض أبناءه وأتباعه على العنف والكراهية والأحقاد، وقد تصدَّى الأزهر الشريف لهذه الهجمات أشد تصدٍّ للبناء عن طريق الجمع بين الوحي والدين والإسلام.
مؤلف كتاب الدين والوحي والإسلام
الشيخ مصطفى عبد الرازق، ولد بمحافظة المنيا بمصر، تعلَّم القراءة والكتابة، والتحق بالأزهر الشريف فيما بين العاشرة والحادية عشرة من عمره، له مؤلفات عدة منها: “فيلسوف العرب”، و”الإمام محمد عبده”، و”الإمام الشافعي”، و”تمهيد الفلسفة”.