نسبية النجاح وضيق أُفق نظرتنا إليه
نسبية النجاح وضيق أُفق نظرتنا إليه
يمكننا أن نعدَّ النجاح أمرًا نسبيًّا، فهو ببساطة يعني تحقيق شيء مرغوب فيه وتختلف نظرة صاحبه وتقييمه له باختلاف الظروف والإمكانيات المتاحة، وقد يكون ذلك الأمر نيل شهادة أو الحصول على وظيفة أو التقرُّب إلى الله أو جمع مال، وكلما كانت ظروف المرء صعبة أصبحت نظرته لتحقيق هذا النجاح كبيرة، ولعلَّ فكرة نسبية النجاح هي أمر مريح تجعل المرء يبتعد عن المنافسة غير المحمودة والنظر إلى ما لا تفوقه إمكانياته، فالمهم فقط هو أن يشعر أنه ليس شخصًا عاديًّا في إنجازاته، بل يحس بالتفوق وتحقيق إنجاز ما، ولننظر ببساطة إلى الرؤية الإسلامية التي اعتبرت ذلك الذي يتصدَّق بمبلغ يساوي عُشر ماله قد حقق نجاحًا أعظم من ذلك الذي يتصدَّق بالمبلغ ذاته لكنه يساوي قدرًا بسيطًا لا يتعدَّى واحدًا على مئة من ثروته، فنرى رسول الله (صلَّى اللهُ عَليهِ وَسلَّم) يقول: “سَبَقَ دِرهَمٌ مائَةَ أَلفِ دِرهَمٍ”.
وقد فرض الاتجاه المادي للعالم وسيطرة الحضارة العلمانية فكرة انحصار النظر إلى النجاح فيما هو منسوب إليه الآن من مجرد الحصول على المال أو التألق الاجتماعي أو النفوذ، ولما رأى المسلمون سيطرة تلك الأمم ظنُّوا أن الصواب هو أن ينهجوا نهجهم كاملًا بإيجابياته وسلبياته وابتعدوا عن النظام الذي وضعه الإسلام فزاد تخلُّفهم، فالإسلام قد ملَّك المسلم رؤية شاملة لكل جوانب الحياة ولتلك الرؤية دعامتان: الأولى أن يكون النجاح مشروعًا في الوسيلة والغاية دون غش أو سرقة أو استغلال أو ظلم للناس، وبهذا يكتسب الاستمرارية، والثانية أن يرتبط النجاح الدنيوي بالنجاح الأخروي حتى لا يكون نجاحًا مؤقتًا.
الفكرة من كتاب من أجل النجاح
لم تكن مفاهيم النجاح أبدًا جامدة أو متحجِّرة، لكن قد تكون مشكلتنا دائمًا هي إسقاط القاعدة بالمثال الشاذ وتعميم ما لا يقبل التعميم، لكن لا يعني ذلك وجود علاج حاسم يمكِّن المرء من النجاح وتخطي العثرات فيصبح شخصًا قويَّ الإرادة، إذًا فما العمل؟ ما السبيل في وسط بيئةٍ غلبها التحجُّر والتباطؤ والسلبية ويحتاج المرء فيها كي ينجح إلى جهد يعادل ضعفي من يجتهد في أممٍ تشجعه؟
وقبل أن نبدأ لتسأل نفسك سؤالًا وهو: هل تعرف نفسَكَ؟ أم أنك تجهلها؟ فالكاتب يقول إن أخطر أنواع الجهل هو جهل الإنسان بنفسه، وهذا شاعرٌ يقول: “إذا أنت لم تعرف لنفسك حقَّها.. هوانًا بها كانت على الناس أهونا”، يناقش هذا الكتاب مقوِّمات النجاح للفردِ والأُمَّة وسط ما جدَّ علينا في زماننا هذا.
مؤلف كتاب من أجل النجاح
عبد الكريم بكار: كاتب ومفكر سوري الجنسية يُعدُّ أحد أبرز المؤلفين في الفكر الإسلامي والتربية، حاصل على درجة الدكتوراه من قسم أصول اللغة بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، كما شغل عدة مناصب إعلامية وله أكثر من ثلاثين كتابًا، ومن أهم مؤلفاته:
أفق أخضر للنجاح والإنجاز.
نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي.
المناعة الفكرية.