ما الحاجة إلى منهجية البحث العلمي؟
ما الحاجة إلى منهجية البحث العلمي؟
واقع البحث العلمي في عالمنا العربي، وبخاصة في مجال الدراسات الشرعية والاجتماعية، واقع مأزوم، تأتي في مقدمة أسبابه أزمة الشتات التي يقع فيها غالبية الطلبة فور انتهائهم من الدراسة ودخولهم حقل الدراسات العليا؛ فلم يكن التصور الشخصي للاهتمامات العلمية المستقبلية ضمن مقررات الدراسة! ويتفاقم ذلك في ظل غياب خطط مدروسة لتوجيه الباحثين الجدد من قِبَل الجامعات، التي -وللمفارقة- تضع شروطًا تعجيزية أحيانًا في طريق الباحثين، لتكون المحصلة إنتاجًا بحثيًّا ضعيفَ المستوى لا يتوافق مع منهجية البحث العلمي، ولا يحظى بأهمية علمية تضيف قيمة ملموسة، بل قد يكون البحث أحيانًا تكرارًا سطحيًّا لما سبق وتم تناوله في الأبحاث الأكاديمية، مع ملاحظة أن تكرار البحث في الموضوع ليس عيبًا من حيث المبدأ؛ إنما تكمن المشكلة في ضعف المنهجية التي في إمكانها أن تُبَصِّر الباحث بمداخل جديدة للموضوعات الواجب إعادة دراستها نظرًا إلى أهميتها المجتمعية.
المنهجية العلمية أيضًا هي بمثابة سفينة النجاة وسط أمواج المعلومات المتلاطمة، فلم يعد الحصول على المعلومات مشكلة في العصر التِّقنِي، وقد يجد الباحث نفسَه غارقًا في التفاصيل التي قد تصيبه بالحيرة والشك والقلق، ما لم يتمَلَّك منهجية رصينة تعينه على انتقاء المعلومات ونقدها ومعرفة صحيحها من باطلها.
كما أن المنهجية العلمية تعطي الباحث نقطة البداية للأفكار المشتتة في رأسه، وتضع له “خارطة طريق” لكل الخطوات التي يجب أن يتَّبعها طوال عملية البحث، ويكون الناتج أن يحمي الباحث نفسه من تعثُّر البدايات والوقوف في خانة “حيرة السؤال البحثي”، والانقطاع في أثناء البحث في محاولة إيجاد الخطوة التالية.
الفكرة من كتاب المدخل إلى منهجية البحث وفن الكتابة مع تطبيقات في العلوم الشرعية
البحث العلمي الصحيح هو معيار تقدم الأمم في مختلف المجالات، به تنتظم شؤون الناس وتُحفَظ مصالحهم، شريطة أن يكون البحث العلمي نفسه منضبطًا بأصول وقواعد تحفظه من الزلل والانحراف، تلك الأصول تُعرف باسم “المنهجية العلمية”، ثم تتكامل هذه المنهجية مع مَلَكة الكتابة البحثية التي تشكِّل جسر العبور بين عالم أفكار الباحث والقراء، ومتى ما تكامل للباحث امتلاك منهجية التفكير والكتابة الفعالة صار قادرًا على الإبداع في اختصاصه وإحداث تأثير مشهود.
هذا الكتاب يقدم الأصول التي لا غنى عنها لأي باحث في حقل الدراسات الإنسانية ليضع قدمه على بداية طريق البحث العلمي الرصين.
مؤلف كتاب المدخل إلى منهجية البحث وفن الكتابة مع تطبيقات في العلوم الشرعية
الدكتور عبد الرحمن حللي: كاتب وأستاذ جامعي سوري مقيم في ألمانيا، حاصل على الدكتوراه في علوم القرآن من جامعة الزيتونة 2004، وهو أستاذ مشارك في الدراسات الإسلامية بجامعة حلب – سوريا، وهو باحث زائر في جامعة برلين الحرة، تركز اهتماماته البحثية على الدراسات القرآنية، والتعليم الديني، والفكر الإسلامي المعاصر.