لماذا نحب الأشرار ونتعاطف معهم؟
لماذا نحب الأشرار ونتعاطف معهم؟
لماذا نجد أنفسنا مهيئين للتعاطف مع الأشرار؟ وما رأي علم النفس في هذا الأمر؟ يعرض الكتاب بعض طرق التفكير التي تؤدي إلى محاباة الأشرار، منها: “خطأ الإسناد الأساسي”؛ وهي نظرية نفسية شهيرة تفيد بأننا نُسند أفعال الشخص إلى طباعه وصفاته الشخصية وليس إلى الموقف الذي ظهرت فيه هذه الأفعال، فمثلًا عندما نرى شخصًا يحمل مسدسًا فإننا نعدُّ هذا الشخص شريرًا دون التفكير في الموقف الذي ورد فيه الفعل، لكننا على الجانب الآخر نُسند أفعالنا أو أفعال المقربين منا إلى ما يتطلَّبه الموقف، فلو كنا نحن مَن يحمل المسدس لبررنا هذا الفعل بأنه دفاع عن النفس أو ما شابه، أما الروايات والأفلام فإنها تقدِّم للقارئ والمُشاهِد معلومات عن حياة الشخصيات لتكوين صورة معينة في الذهن تعين على تقبُّل الشخصية والإعجاب بها، وبالتالي يتعاطف القارئ والمشاهد مع الشخص الشرير ويتلمَّس له الأعذار وفقًا للسياق والموقف الذي ظهر فيه.
مما يؤدي بنا إلى محاباة الأشرار أيضًا: أنماط التفكير التي نترجم بها الأحداث ونرسم على أساسها الشخصيات في أذهاننا، هذه الأنماط تتشكَّل لدينا من خلال تكرار قصة ما في قالب ثابت؛ مثلما انطبع في ذهننا أن البطل يجب أن يكون طيبًا لأن الأفلام والقصص كانت تُصوِّره بهذا الشكل، لكن ماذا يحدث عندما يتم تغيير هذا القالب وتقديم الشرير على أنه البطل؟ يؤدي هذا إلى تشكيل نمط فكري جديد يرسِّخ فكرة قبول الشرير! هناك أنماط فكرية أخرى يتم استغلالها من أجل التطبيع مع الشرير مثل: “الممنوع مرغوب”؛ فالشخص الشرير غير المرغوب فيه في المجتمع تزداد الرغبة في التعرف عليه عند البعض.
هناك نظرية أخرى تُسمى “التنافر المعرفي”؛ وهي تصف عدم الراحة النفسية التي يكون فيها الإنسان عندما تتزاحم في عقله فكرتان متناقضتان أو متنافرتان، فيبدأ عقله في محاولة تقليل هذا التنافر من خلال التحيز والميل إلى الأشياء التي تؤيد معتقداته وقناعاته الشخصية، فيقبل الأفكار التي تتوافق مع معتقداته ويتجاهل الأفكار التي تخالف معتقداته، لذلك عندما يرى المُشاهد تصرفًا شريرًا يصدر عن بطله المحبوب، يشعر بالتناقض فيضطر المُشاهد إلى التسويغ لأفعال الشرير حتى يُنهي حالة التنافر.
الفكرة من كتاب الأشرار
هل شاهدتَ فيلم الجوكر أو فيلم ماليفيسنت أو حتى فيلم كرويللا؟ أصبح أشرار الأمس أبطال اليوم، وأبطال الأمس أشرار اليوم، هذه الظاهرة العكسية أصبحت تتكرَّر في كثير من أفلام السينما، حيث تكون شخصية شريرة هي بطلة الفيلم وتدور الأحداث حول الحياة الصعبة القاسية التي مرت بها الشخصية حتى أمست شريرة؛ فيتعاطف معها المُشاهد أو يقع في حبها في النهاية.
يناقش كتاب “الأشرار” هذه الظاهرة الغريبة من خلال رصد الأفلام التي ظهر فيها الشرير بشكل جذاب ومحبَّب للنفس، ثم يستعرض الأسباب التي تؤدي بنا إلى محاباة الأشرار والتعاطف معهم سواء أثناء مشاهدة الأفلام أو في حياتنا الواقعية، كما يتناول العوامل التاريخية والفلسفية التي هيَّأت العقل الغربي للتطبيع والتصالح مع الأشرار، وأخيرًا يتحدث عن العلاقة بين صناع القرار وتجار الإعلام التي يكون هدفها الأساسي التلاعب بالجماهير وتوجيه الرأي العام في اتجاهات معينة.
مؤلف كتاب الأشرار
عمرو كامل عمر: صيدلي وباحث وكاتب مصري، صدر له العديد من المؤلفات والكتب.
من مؤلفاته: كتاب “حصان طروادة”، وروايتا “1984” و”سينماتوغراف”.
كريم طه: خبير تسويق مصري.
محمد الهمشري: أخصائي أمراض نفسية مصري.