مسيرة التساؤل والتفكير
مسيرة التساؤل والتفكير
التساؤل عنصر أساسي في نظم التفكير المعاصرة، وإننا لا نتساءل إلا إذا كانت لدينا معرفة عميقة تثير التساؤلات، التساؤل يعني أننا نملك الدهشة وهي بداية طريق البحث والعلم ودليل على الحيوية والاستقلال المعرفي، ويعني التساؤل كذلك أننا نملك تفكيرًا ناقدًا لا يقبل كل ما يُعرَض عليه، ولا ينبع التساؤل إلا من أصحاب العقلية الناضجة، أولئك الذين لم يستسلموا للموروث الشعبي القائل إن المتسائل جاهل، الذين يكسرون حاجز الجهل والإحباط، فهم يملكون مفاهيم عميقة تسبِّب لهم قلقًا معرفيًّا لا يعانيه من يأخذون استراحة عقلية دائمة.
التساؤل والدهشة بداية لمسيرة التفكير التي تنمو فيها أفكارنا وتتبلور ونكتشف فيها المجهول، وهي مسيرة تحتاج إلى صبرٍ لا تشتُّت بين المواضيع كي تؤتي ثمارها، مسيرة مضى فيها كثير من العظماء صاغوا تجاربهم الذاتية التي نحتاج تأمُّلها والتفاعل معها لتعيننا في طريقنا، نستعمل عقولنا فيها كأداة ندرك حدودها فهي لا تعمل بكفاءة تامة ولا بموضوعية مطلقة، لكن بصفاء النية واتباع القواعد السليمة؛ نُحسن استخدامها. تلك مسيرة لا يحتملها كثيرون، فإما أن تكون أفكارهم سطحية بعيدة عن الواقع، وإما أنهم يحسبون أن التفكير مضيعة للوقت والجهد لافتتانهم بالمنطق العملي، وتلك النظرات المشوهة للتفكير نتيجة متوقَّعة لانتشار الأمية والجهل والعزوف عن العلم والقراءة في بلاد المسلمين.
الفكرة من كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
في عصر تُهدَّد فيه ثوابتنا، وتُجتثُّ جذور حياتنا الثقافية والاجتماعية، نحتاج إلى عقليات ممتازة، يمكنها طرح حلولٍ مجدِّدَةٍ، لكنها مع تجديدها لا تنفصل عن ماضي الأمة وتاريخها.
انطلاقًا من حاجتنا تلك يحدثنا هذا الكتاب عن العقلية، وعن تشكيلها وموارد تنميتها، وعن سمات العقلية التي نحتاج، وأفكار متنوعة أخرى ترسم لنا كيف نبنيها.
مؤلف كتاب تشكيل عقلية إسلامية معاصرة
عبد الكريم بكار، واحد من المؤلفين البارزين في قضايا التربية والفكر الإسلامي، حصل على البكالوريوس من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وعلى الماجستير والدكتوراه من قسم أصول اللغة بالكلية نفسها بجامعة الأزهر، وقاد مسيرة أكاديمية في تدريس اللغويات عمرها 26 عامًا في جامعات مختلفة، ثم استقال في عام 2002 ليتفرَّغ للتأليف والعمل الدعوي.
له الكثير من المحاضرات، وشارك في العديد من المجلات والصحف العربية، وألَّف أكثر من أربعين كتابًا، منها أكاديمي متخصِّص مثل: “الصفوة من القواعد الإعرابية”، و”أثر القراءات السبع في تطوير الفكر اللغوي”، ومنها تربوي وفكري مثل: “فصول في التفكير الموضوعي”، و”العيش في الزمان الصعب”، و”من أجل انطلاقة حضارية شاملة”، و”نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي”، و”ابن زمانه.. التربية من أجل المستقبل”، و”القراءة المثمرة: مفاهيم وآليات”، و”حول التربية والتعليم”، و”المتحدث الجيد”.