الزيتون يلتقي العالم الجديد
الزيتون يلتقي العالم الجديد
كانت رحلة انتقال ثمرة الزيتون من منطقة البحر الأبيض المتوسط إلى القارة الأمريكية مختلفة، في البداية عندما تمسَّكت عائلة آل أمبرسون بعادة استخدام الزيتون وزيته في الطعام على غير الطرق المألوفة وقتها بين الناس في أمريكا حيث لم يكن لثمرة الزيتون، أي تقبل على مائدة الطعام إلا قلة من الأمريكيين ذي أصول إسبانية، وخلال معرفة قديمة عن طرق استخدام الزيتون اشترك معهم الإيطاليون، إن لإيطاليا تاريخًا في زيت الزيتون وانتشاره بعمق داخل أي وجبة غذائية، وقد ساعد هذا التاريخ الإيطاليون في إنتاج زيت الزيتون بتفوق كبير، وبعد الحرب العالمية الأولى تغير العالم وتغيرت معه المنتجات المستهلكة حيث كان الإيطاليون المهاجرون في الولايات المتحدة الأمريكية يستهلكون الزيتون بحثًا عن صورة تمزج بين حب الجمال والوطن وحب الطعام من إنتاج إيطالي، وأصبحت هذه الصورة هي ما شكَّل علامات تجارية إيطالية مثل سان ريمو وعلامة سول ميو وغيرهم في إنتاج زيت الزيتون البكر النقي، ومع الانفتاح للسعي وراء كسب المال بصور غير مشروعة وُجِدَ كثيرٌ من التجار يبيعون زيتًا غير أصلي.
بعد هجوم عاصفة البرد القارس تهالكت أراضي أشجار الزيتون التي كانت تمثل جزءًا كبيرًا من إنتاج إيطاليا لزيت الزيتون، ما أدَّى إلى توجُّه الولايات المتحدة الأمريكية إلى صناعة واستخراج الزيت، ولكن كانت التكلفة باهظة الثمن فتحول مسار الصناعة إلى تعليب الزيتون، ومن هنا كانت بداية الزيتون المعلَّب على يد فريدا إيمَن الألمانية، وبدأت حياة فريدا من خلال هجرتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية ثم ترعرعت فيها وتزوجت وأصبحت أمًّا لفتاة وصبي، وقد كان لفريدا عقل مفكر وتسعى للعمل وكسب المال، فاستغلَّت الأشجار الموجودة في منزل أسرتها لاستثمارها في زراعة الزيتون ثم تخليله وتعبئته وبيعه، ونالت هذه الفكرة قبولًا كبيرًا في سوق العمل، ما أسهم في انتشار هذه الثمرة المعلَّبة في جميع طبقات المجتمع، وساعد هذا على إنشاء شركتها الضخمة “إيمَن” للزيتون، لم يستمر منحنى الصعود لأفكار إيمَن كثيرًا، ففي عام 1919 انتشر خبر حادث تسمُّم 35 شخصًا بسبب الزيتون المعلَّب مما أدى إلى إفلاسها، ومع مرور الوقت والحذر الشديد عاد استخدام الزيتون المعلَّب من جديد.
الفكرة من كتاب الزيتون – التاريخ الكوني
تسرد فابريزيا لانزا تاريخ ظهور الزيتون على الأرض مرورًا بحضارات وثقافات مختلفة، فتجد أنه كان يمثل رمزًا لطقوس كثيرة في كل منطقة مختلفة في أكثر من بلد، إلى أن وصل إلى أكثر من مائدة طعام مختلفة حول العالم، حيث دخل الزيتون وزيت الزيتون أصنافًا كثيرة متنوعة بين الحلو والحامض.
مؤلف كتاب الزيتون – التاريخ الكوني
فابريزيا لانزا Fabrizia Lanza: ولدت في باليرمو بإيطاليا عام 1961، وهي باحثة في الثقافة الغذائية، وصاحبة مدرسة الطبخ الصقلي المرموقة “آنا تاسكا لانزا” التي أسَّستها أمها في صقلية، حاصلة على شهادة البكالوريوس في تاريخ الفن، وكانت رئيسة التحرير السابقة لمجلة الذواقة، وشاركت في تأليف كتاب “العودة إلى الوطن الصقلي” مع كيت وينسلت عام 2012.
معلومات عن المترجم:
عمر سليم التل: مترجم وباحث، يحمل شهادة الماجستير في التاريخ، والبكالوريوس في العلوم السياسية، عمل مديرًا للمنتدى العربي في عَمَّان، ألف وترجم وراجع كتبًا عديدة، ومنها ترجمته لكتاب “الإنسان والدولة والحرب” لكينيث والتز، وكتاب “ذواقة العسل” لكارلا مارينا وكيم فلوتم.