الحزن المرَضي
الحزن المرَضي
على الرغم من الألم المصاحب للحزن، فإن أغلب البشر يستطيعون تجاوزه، وقد لا يعرف المرء علامات الشفاء من الحزن عند حدوثها، فيعود مرة أخرى إلى الضحك وقراءة الكتب دون استرجاع الذكريات المؤلمة، ويبتعد عن تأمُّل ذاته، والمشاركة في مساعدة الآخرين والتفاؤل مرة أخرى، إلا أن هناك بعض الأفراد لا يستطيعون التجاوز ويصابون بما يسمى الحزن المعقد أو الشاذ.
إن في كل حياة ذلك الشخص المكتئب، على الرغم من تخطِّيه مراحل الحزن، وبذل جهد كبير لاكتساب الإيجابية، إلا أنه يبدو دائمًا في حالة اكتئاب، فما الإشارات الأخرى الدالة على سقوط شخص ما أسيرًا لحالة الحزن؟ قد تستطيع الأعراض البدنية والشكاوى أن تمدنا بالحل، والدليل الآخر هو إدمان الشخص للمهدئات، فالرغبة في كبت العواطف في ذلك الموقف طبيعية، لكن هذا الإدمان سيخلِّف جميع أنواع المشكلات.
فالحزن طويل الأمد هو رد فعل عام لحالة الفقد القاسية، فمن الطبيعي أن يكتئب المرء بعد تعرضه لحالة فقد أو صدمة، ومن الطبيعي أيضًا أن يبكي، وأن ينام نومًا متقطعًا، وأن يفقد الأمل ويشعر بالكسل، ولكن إذا طالت المدة عن ستة أشهر وصاحبها فقدان لاحترام الذات، حينئذٍ تكون استشارة الطبيب أمرًا ضروريًّا، والعزلة الاجتماعية أيضًا أحد أعراض الاكتئاب، وقد يشعر الفرد أحيانًا بالقهر والضعف، مما يؤدي إلى التفكير في الانتحار، ومن ثم يجب أيضًا اللجوء إلى الطبيب.
وهناك وسائل عديدة تساعد أولئك العاجزين على التخلُّص من حزنهم منها أنه قد تلهم بعض الأسئلة التي يطرحها المكلومون على أنفسهم الإجابة، مثلًا: هل يمنعنا الحزن من الاستمرار في حياتنا؟ هل نتجنَّب اتخاذ القرارات التي من شأنها تغيير أسلوب الحياة؟ وإذا كانت الإجابة عن هذه الأسئلة بالإيجاب، فهم يحتاجون إلى بذل جهد حقيقي للخروج من مستنقع اليأس، أيضًا يساعد اللجوء إلى الله (عز وجل) والاستعانة به على التخلص من الهم والحزن، ومن المفيد أيضًا ابتكار طقوس خاصة للتنفيس عن الحزن، كتدفق المشاعر في خطاب، وحرقه بعد ذلك أو تركه عند قبر الفقيد.
الفكرة من كتاب العيش رغم الفقد والألم
يبدو في بعض المجتمعات أن أفرادها يجدون صعوبة في مواجهة الجانب المتعلق بالفقد والحزن، حيث إنهم لم يعتادوا العيش في ظل الألم والمرض والموت والكوارث، وعلى العكس يبذلون قصارى جهدهم لتجنُّب الحزن والتركيز على السعي وراء السعادة والمصالح المادية وتحقيق الذات، ويتعاملون مع مشاعر الفقد والحزن على أنها طارئة تشذ عما هو طبيعي.
يأتي هذا الكتاب ليساعدنا على جعل مفهوم الحزن طبيعيًّا، حتى يستطيع الفرد تقبُّله وفَهمه والتعامل معه عند حدوثه، من خلال تعريف الحزن، وتوضيح الأساليب المعبرة عنه.
مؤلف كتاب العيش رغم الفقد والألم
جوليا توجندات Julia Tugendhat: كاتبة بريطانية ومعلمة وطبيبة نفسية.
لها العديد من الكتب في مختلف المجالات، وتُرجم لها كتابان للعربية وهما “العيش رغم الفقد والألم” و”كيف تتغلب على الأحزان”، فضلًا عن تأليفها بعض الكتب التي تتناول المشكلات الاجتماعية في حياة الطفل والأسرة، منها:
The Adoption Triangle
How to Approach Death
Children at the Battle of Waterloo
My Colonial Childhood in Tanganyika