حركة الترجمة وأثرها في الفكر الإسلامي
حركة الترجمة وأثرها في الفكر الإسلامي
يعدُّ كل ما كان قبل الترجمة شذراتٍ وأفكارًا غير مكتملة ودعوات قرآنية لا يشوبها أي فكر فلسفي عقلاني تطبيقي، كل هذا بدأ يتدرَّج وينمو ويزدهر بعد ظهور حركة الترجمة عن طريق اليونان أو الفُرس بواسطة السريانيين، ورغم قلة هذه الحركة في البداية فإنها كانت سببًا في كثرة الدهشة والتساؤل والشغف تجاه المعارف الأجنبية، وكانت كل مهمة المترجمين هو كتابة الشيء والتعليق عليه، حتى ازدهر الأمر في العصر العباسي ورغم عدم إبداعهم في الفكر الفلسفي فقد كان لهم عمل قوي لا يمكن إنكاره أو تفاديه.
وبالنظر إلى كل هذه الترجمات فإن أول كتب ترجمت هي كتب “أرسطو “، وخاصةً منطق أرسطو الذي قام بنقله للعربية “ابن المقفع”، ثم نقل بعده “ما وراء الطبيعة”، و”الطبيعة”، و”الأخلاق”، و”النفس”، و”الكون والفساد”، و”تحليل القياس”، و”البرهان”، و”المقولات”، و”العبارة”، و”تحليل القياس”، و”الجدل”، و”الخطابة”، و”السماء والعالم”، وكان لكل هذه الكتب الأثر القوي في الفلاسفة المسلمين والمتصوفة والمتكلمين، حتى أنه وصل بهم الأمر في محاولات كثيرة إلى التقريب بين الفلسفة والدين.
وساعدت الترجمات على ظهور المواهب الكامنة في رؤوس المساهمين إلى البروز في عالم الواقعيات فبرزت بهيئة أدهشت المؤرخين والباحثين، ولا يمكن إنكار أن الفلسفة الإسلامية في المغرب كانت أخصب من شقها الشرقي، ويرجع هذا إلى أن البيئة الطبيعية في الأندلس تعد أرضًا خصبة أكثر من بغداد.
الفكرة من كتاب الإسلام والفلسفة
الفكر الفلسفي هو فكر امتدادي على مر العصور، لا يمكن القول إنه طفرة ظهرت في قوم واندثرت عند آخرين، لكن الأمر منذ بدايته عند العرب كان مقتصرًا على تحصيل المعاش، وجلب القوت، لم تشغله التساؤلات حول حقيقة الكون وأسراره، الأمر لم يكن لسبب ضيق الأفق أو عجزهم الفكري، وإنما في حقيقة الأمر هو انشغال فقط وحتى أخلاقهم كانت غليظة وقاسية كلها حياة بربرية، ودياناتهم كلها وثنية ساذجة جافة لا روح فيها ولا حياة، حتى العبادة فيها ليس لها نسق وهو أمر لا يستسيغه عقل ولا يؤيده منطق أو ذوق سليم.
مؤلف كتاب الإسلام والفلسفة
الدكتور محمد غلاب أستاذ الفلسفة بجامعة الأزهر المولود في أوائل القرن العشرين، واسع الاطلاع في جميع الفنون بصيرًا كل البصر –على الرغم مما لحق ببصره من علة– متقنًا لعلوم الأزهر التراثية، له مؤلفات عدة منها: “الفلسفة الشرقية”، و”الفلسفة الإغريقية” (جزآن)، و”مشكلة الألوهية”، و”فلسفة الإسلام في الغرب”، و”المذاهب الفلسفية العظمى في العصور الحديثة”، و”الفلسفة المسيحية في الشرق والغرب”، كما ترجم كتاب “الفلسفة التجريبية وتيارات الفكر الفلسفي الفرنسي وتاريخ الفلسفة” لإيميل بُرهيمة.