رؤية البنك في حل مشكلة الفقر
رؤية البنك في حل مشكلة الفقر
كان الأصل في نشأة علم الاقتصاد هو تطويع الموارد وجعلها في خدمة الإنسان، ولكن مع مرور الوقت بدأت تنقلب المعادلة رأسًا على عقب حتى غدا الإنسان بين ليلة وضحاها أشبه بآلة يتم تطويعها لخدمة الاقتصاد! مما أفقده أهدافه الاجتماعية نسبيًّا في كثير من بلدان العالم المتقدم، وإذا تطرَّقنا إلى البنوك وأهميتها نجد أنها بمثابة القلب النابض للاقتصاد فهي شريان الأموال للجسد الاقتصادي برمَّته عبر تجميع المدخرات وتوجيهها من أصحاب الفوائض المالية إلى نظرائهم من أصحاب العجز المالي.
ولكن رغم ذلك كانت البنوك نذير شؤم بسبب لهثها وراء الربح الفاحش، حيث كانت تتعنَّت في تقديم التمويل للمشروعات الناشئة، أما المشروعات القائمة بالفعل فكان تقديم التمويل لها عادةً ما يكون مصحوبًا بأسعار الفائدة العالية، مما كان السبب في تآكُل كثيرٍ من أرباح المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر للطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل، فضلًا عن تعثر الكثير منها جراء عدم قدرته على السداد، من هنا تأتي أهمية “بنك الفقراء” الذي تقوم فكرته الأساسية على إتاحة التمويل الميسَّر عبر تكلفة اقتراض منخفضة تسهم في دعم المشروعات وزيادة الفوائض الربحية لديها مما يدفعها إلى التوسع مستقبلًا.
كانت تلك الفكرة هي العصا السحرية لمحاربة الفقر في بنجلاديش التي تبنَّاها بنك جرامين ومؤسسة البروفيسور محمد يونس، فمن كان بالأمس فقيرًا معدمًا أصبح اليوم غنيًّا منتِجًا، فزادت بذلك المشاريع وزادت معها معدلات الإنتاج وتقلَّصت البطالة، مما كان له الأثر الإيجابي في رفع مستوى المعيشة للكثير من الأسر وانتشالهم من مستنقع الفقر عبر التوظيف الذاتي للفقراء ومساعدتهم ليساعدوا أنفسهم بأنفسهم، ولا عجب بعد ذلك أن يصبح يونس قديس الفقراء، فقد كان يؤمن بأن حق الإنسان في حياة كريمة هو أبسط قواعد ميراث الإنسانية المشترك، ولذا كانت أفكاره الملهم الأساسي للعديد من التجارِب المجتمعية لمحاربة الفقر ومساعدة الملايين حول العالم.
الفكرة من كتاب تجربة بنك الفقراء
لطالما كان الفقر هو الهاجس الأول عند الشعوب لا سيما مع ارتباطه الوثيق بانتشار الجهل والأمية والبطالة وزيادة معدلات الجريمة والتفكُّك الأسري وغير ذلك من الأمراض الاجتماعية، من هنا كانت أهمية تجربة بنك جرامين “بنك الفقراء”، حيث كانت مصدر إلهام لكثير من الدول في مواجهة الفقر وتحقيق تنمية مستدامة.
مؤلف كتاب تجربة بنك الفقراء
مجدي على سعيد: كاتب وطبيب مصري، وُلد عام 1961، بالقاهرة، حصل على بكالوريوس الطب من كلية طب قصر العيني عام 1986، ودبلوم الدراسات الأفريقية من قسم الأنثروبولوجيا، معهد الدراسات الأفريقية عام 1996، عمل بمجالات عديدة شملت الصحافة النقابية والإغاثة والبحوث الاجتماعية والتنمية والبيئة.
له ثلاثة كتب: “الانتخابات الطلابية في الجامعات المصرية في العام الجامعي 1988/1989″، و”ألبانيا بين الآمال والمخاطر”، و”تجربة بنك الفقراء”.