وقفة منهجية مع الآثار
وقفة منهجية مع الآثار
الآثار الواردة في التفسير على نوعين: آثار تُثبت المعنى العام لا دقائق اللفظ، وآثار يُراد بها إثبات دقائق الألفاظ، وبالتالي على الناظر في التفسير المأثور الوقوف على أمرين، وهما: النظر في طُرق الرواية، والنظر في طُرق الدراية، وهذا لأن الأئمة يتوسَّعون في قبول الروايات في المعاني العامة لأنهم يعتمدون على مقاييس أُخرى في التفسير غير الراوية، مثل النظر في السياق وغيره، أما دقائق المعاني فإن المُحدثين يفحصون الرواية بدقة.
ومن الضروري الإحاطة بأقوال السلف في الآية الواحدة ليتضح المعنى الكُلي للآية، وقد يلقى الناظر في بعض المواضع شيئًا من الاختلاف، ولا بد أن يعلم أن أغلب الاختلاف يكون اختلاف تنوع لا تضاد، لذا فبإمكانه الجمع بينها من خلال خطوات، وهي: أن يجمع كل الأقوال، ثم يستبعد الأقوال التي استنكرها بعض أئمة التفسير مثل ابن جرير الطبري أو ابن تيمية، وأخيرًا ينظر مرة أخرى فيما ثبت فإن وجد الاختلاف الظاهر يستخدم قواعد الترجيح التي استخدمها المُفسرون.
ومثال الاختلاف الظاهر الذي قد يلتبس على النظار فهمه، أقوال السلف المختلفة في كلمة “غسَّاق” شراب أهل النار، فمنهم من وصفه أنه ما يجري من صديد أهل النار من جروحهم أو غير ذلك، ومنهم من وصفه أنه منتن في رائحته، ومنها من قال إنه بارد زمهرير يقتل من شدة البرد، قد تبدو الأقوال مختلفة لكن يمكن جمعها، لهذا يذكر ابن كثير (رحمه الله) في تفسيره في كلمة “غساق”: “ما اجتمع من صديد أهل النار وعرقهم ودموعهم وجروحهم، فهو بارد لا يُستطاع من برده، ولا يواجه من نتنه”.
الفكرة من كتاب المراحل الثمان لطالب فهم القُرآن
يحتار الكثيرون في المنهجيَّة المُناسبة لفهم القُرآن فهمًا دقيقًا تُتذوَّق فيه المعاني البلاغية للقُرآن الكريم، ولا يفهم طبيعة الكُتب المُتعلقة بعلوم القُرآن وتساعد على فهمه، ففي كتابنا يُقدِّم لنا الكاتب عدة مراحل تساعد مُريد فهم القرآن على فهمه، ومعرفة المنهجيَّة المناسبة للإلمام بمعاني القُرآن.
مؤلف كتاب المراحل الثمان لطالب فهم القُرآن
عصام العويد: سعودي الجنسية وُلد عام 1971 ميلاديًّا في محافظة القصيم، نشأ في صغره على طلب العلم والأخذ عن الشيوخ الكِبار، حصل على الماجستير في الحديث وعلومه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد شغل عدة مناصب دعوية مختلفة، فعمل عضو هيئة تدريس بجامعة الإمام في الرياض، ومستشارًا شرعيًّا في موقع “أون لاين”، وعددًا من المناصب الأُخرى، وله عدد من الإصدارات المسموعة والمؤلفات المكتوبة، منها: “تحريك الجنان لتدبُّر وتوقير أم القرآن”، و”أسوار العفاف”.