من سنتين إلى خمس سنوات
من سنتين إلى خمس سنوات
يتضح في هذه المرحلة نمو التواصل اللغوي فيستطيع التعبير عن رغبته والإخبار عن تجاربه بلغة مفهومة وإنتاج معانٍ خاصة به، ولكن ما تزال بعض الكلمات غير واضحة، واستخدامه للضمائر والأفعال بطريقة معكوسة، وتُسمى “لغة التلغراف”، وينبغي التصحيح المستمر لهذه الأخطاء لا التجاوب معها والتندُّر بها، يمكن للطفل خلال هذه المرحلة طلب الذهاب إلى الحمام، والتحكم أكثر في عملية الإخراج، والاعتماد على نفسه في غذائه وملبسه، والحذر من الأخطار وحماية نفسه منها، ثم المشاركة في الألعاب الجماعية وتكوين صداقات مع الآخرين وأداء الأعمال البسيطة كتنظيف المائدة وإحضار الأدوات وتعلم الإنشاد وإجراء حركات لتسلية الآخرين أو لفت الانتباه، واستخدام أدوات الكتابة والرسم والتجوُّل في المنطقة المجاورة لمنزله دون إشراف.
يدرك الطفل كذلك مفهوم الهوية الجنسية وبعض الفروقات بين الذكر والأنثى، وتجب معاملة الطفل من البداية بما يوافق جنسه ومنع تشبُّهه أو تشبُّهها بالجنس الآخر، وشرح طبيعة هذه الفروق والحكمة منها، ويرتبط ذلك بموضوع الإثارة الجنسية التي تختلف تصوُّراتها لدى الأطفال عنها عند البالغين، وقد يعبث الطفل بعورته أو عورة أخته أو بنت الجيران أو يلتصق بأمه في أثناء تغيير ثيابها بدافع من الفضول وحب التقليد والالتصاق؛ فلا يصح إسقاط دلالات جنسية عليها، بل التعامل معها كأي سلوك آخر غير مرغوب، وتكثر أيضًا -نهاية هذا المرحلة- الأسئلة الوجودية والمحرجة نحو “أين الله؟”، و”كيف جئنا؟”، والتي تزعج الآباء، ويدفعهم إلى التهرُّب أو كبت الطفل أو الكذب عليه أو إعطائه إجابات تنأى عن الحقيقة ولا تُرضي نهمه، فيفقد الابن الثقة بوالديه ويتجه لإشباع فضوله من مصادر غير آمنة كالشارع والرفاق، ومرام الأمر على عملية التربية والإرشاد وفهم طبيعة السلوكيات والأسئلة، وإحلال بدائل نافعة للسلوكيات الخاطئة وتجهيز إجابات صحيحة مناسبة للأسئلة.
الفكرة من كتاب الصحة النفسية للطفل من الميلاد وحتى 12 سنة
أبناؤنا هم فِلْذاتُ أكبادنا الذين استأثروا منا بكل غالٍ ونفيس، وهان لأجلهم كل صعب وعزيز رغبةً صادقة في صلاحهم وسعادتهم، ولكن الرغبة لا تعني المعرفة، وقد تضيع آمالنا بين إفراط وتفريط ناشئَين عن الجهل بوسائل التربية المناسبة لطبيعة كل مرحلة عمرية، والإحسان في التربية مطلب شرعي وعقلي وحضاري، وهو استثمار ناجح لرفعة أمتنا قبل أبنائنا، وفي هذا الكتاب وسائل تربوية ناجعة تقوم على أسس علمية أنضجتها سنوات من الخبرات العملية قضاها المؤلف في التعامل مع الأطفال، وتتسم بسهولة فهمها وتطبيقها ومراعاة كافة الجوانب، وتنأى عن المثاليات الحالمة والروافد الغريبة عن ديننا وعاداتنا.
مؤلف كتاب الصحة النفسية للطفل من الميلاد وحتى 12 سنة
حاتم آدم: طبيب مصري وُلد بالقاهرة عام ١٩٥٥، حصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة القاهرة، وماجستير الدراسات الطبية والنفسية للأطفال ودبلومة الأمراض النفسية والعصبية والعقلية من جامعة عين شمس، كما حصل على ليسانس أصول الدين من جامعة الأزهر، وعمل بقسم الأطفال بمستشفى الصحة النفسية في الرياض والطائف.
من مؤلفاته: الصحة النفسية للمراهقين.