ملهًى يتجسس على زبائنه وأمريكا تتجسس على العالم
ملهًى يتجسس على زبائنه وأمريكا تتجسس على العالم
بدلًا من حمل بطاقة تحدد هويتك، لماذا لا نركب شريحة إلكترونية تحت جلدك مسجلًا عليها كل معلوماتك؟ هذا ما فكر فيه أصحاب ملهًى شهير له فرعان في برشلونة وهولندا، حثّوا زبائنهم على زرع شريحة إلكترونية تسمح بتخزين وإرسال المعلومات الرقمية، وأعلنوا أن الهدف من تلك الإجراءات هو حماية الزبائن من السرقة ومحاصرة المحتالين. ورغم الضجة التي أثارتها تلك الفكرة تسابق عليها عديد من الزبائن طمعًا في مكافأة قدرها ألف يورو، وبعد مرور عدة شهور أُغلق الملهى، فما مصير أولئك الذين يمارسون حياتهم بشريحة إلكترونية تخزن وترسل معلوماتهم؟ بل ومن الجهة المستفيدة من تلك المعلومات؟ ولا يتعلق الأمر بذلك الملهى فحسب، بل الآلاف من السويديين قد حقنوا أنفسهم بشريحة مشابهة في عام 2018، فماذا يحدث للعالم؟
التجسس ليس محصورًا بين الأفراد بل والدول أيضًا، ولعلك سمعت عن إدوارد سْنُودِن، موظف الاستخبارات في وكالة الأمن القومي الأمريكي CIA الذي كشف أنها تتجسس على العالم بأسره، تسجل كل شيء بهدف تكوين صورة دقيقة عنا، حتى العواصم الأوربية الكبيرة كباريس وبرلين لم تسلم من أمريكا، بل طال التجسس هاتف المستشارة الألمانية أنْجِيلا مِيرْكِل. وأخبر سْنُودِن العالم أن هناك ما يسمى بتحالف العيون الخمسة، وهم مجموعة من الدول الآتية: أمريكا وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا، يقفون في الظل متجسسين على العالم بما فيهم جيرانهم، ومع انتشار تلك الأخبار لم يعتذر أحد أو تتخذ الدول المتضررة رد فعل يتعدى الامتعاض، بينما تجاهلت شركات التقنية الكبرى المتهمة بزرع تطبيقات للتجسس على الهواتف القضية.
هرب سْنُودِن بعد تسديد ضربة في عام 2013 إلى روسيا كلاجئ سياسي، وحكمت عليه أمريكا بالخيانة العظمى، فدافع عن نفسه قائلًا: “لا أريد أن أعيش في عالم يتم فيه مراقبة وتسجيل كل ما أقوله أو أفعله”.
الفكرة من كتاب العبودية مقابل الأمن – تكنولوجيات السيطرة على البشر
كَتَبَ المؤرخ جون بانْڤِيل “لا يمكن أبدًا إعاقة أي رجل عن التفكير في أي شيء يختاره ما دام يخفيه”، فهل يمكننا المحافظة على سرية ما بعقولنا في العصر الرقمي؟ وهل نستطيع من الأساس أن نتوقف عن التحدث عن أنفسنا على منصات التواصل الاجتماعي؟
تشكّل التكنولوجيا الرقمية جزءًا مهمًّا من حياتنا اليومية، فهي تساعدنا على التواصل والحصول على المعلومات بشكل أسرع وأسهل، ويناقش أغلب الخبراء أضرار التكنولوجيا الرقمية للإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي من الجانب السلوكي للأفراد، ولكن يوجد جانب أخطر بكثير من إدمان الإنترنت، وهو السقوط في العبودية والتخلي طوعًا عن الحرية. كيف يحدث ذلك؟ ولماذا؟ وكيف تقود التكنولوجيا الرقمية العالم إلى حافَة الانهيار؟ سنغوص في أعماق الجانب المظلم للتكنولوجيا لنعرف الإجابات.
مؤلف كتاب العبودية مقابل الأمن – تكنولوجيات السيطرة على البشر
ندى الربيعي: ولدت في العراق عام 1979م، وحصلت على بكالوريوس البحوث العملية عام 2003م من الجامعة الملكية الهولندية بلايدن، بالإضافة إلى ماجستير في الصيدلة عام 2008م بأوترخت في هولندا، لها باع طويل في مجال الأعمال فحصلت على جائزة سيدة أعمال هولندا لعام 2015م، واختيرت في العام التالي من ضمن أفضل مئة شخصية مؤثرة في هولندا، بجانب حصولها على الترخيص الأسود الدولي في إدارة الأعمال والمشاريع عام 2019م، ولها عدة مقالات سياسية في الشأن العام للعراق وهولندا بجانب إدارتها لعديد من الصيدليات في مناطق مختلفة بهولندا، ولا يؤثر ذلك في انخراطها في الأنشطة التطوعية المساعدة للاجئين.
عباس الزبيدي: مهندس ولد ببغداد عام 1979م، حصل على بكالوريوس الهندسة الطبية عام 2001م ثم الماجستير عام 2004م من جامعة النهرين، ثم عمل مدرسًا بكلية هندسة الخوارزمي بجامعة بغداد بجانب عمله اختصاصيًّا للرنين المغناطيسي والطب النووي، وحصل على منحة DAAD الألمانية لدراسة الدكتوراه في تخصص هندسة المعلومات الطبية من جامعة آخن التقنية