معنى “الانضباط الذاتي”
معنى “الانضباط الذاتي”
فضَّل الكاتب تعريف قيمة “الانضباط الذاتي” من خلال المعاني المرتبطة به، وذلك لتتعدَّد الفوائد تجاه هذه القيمة، ولا تنحصر في معنى واحد، فمن تلك المعاني المتعلِّقة بالانضباط الذاتي: الحفظ المقترن بالحزم، فالإنسان حينما يشعر بقدر من المسؤولية فإنه يحاول جاهدًا ضبط ميوله وسلوكه، وإلزام نفسه بما هو مسؤول عنه بغض النظر عن حالته النفسية والمزاجية.
فالانضباط الذاتي هو حالة من التناغم بين أفكار الإنسان ورؤيته لهذه الحياة وبين مواقفه وسلوكه اليومي، وبالتالي يبدأ بتقديم أشياء ويؤخِّر الأخرى بحسب الأولوية التي يراها، وهذه الأولوية مبنيَّة وفقًا لغايته وهدفه من هذه الحياة.
كما أن الانضباط الذاتي يحمل في معناه “الحرية”، وذلك من جهتين: الجهة الأولى هو تحرُّر الإنسان من هوى نفسه، والجهة الثانية هو أنه متى التزم الإنسان بواجباته والتزاماته في أول النهار، فإنه في المساء يستطيع قضاء وقته مع أهله وأصدقائه وهو مرتاح البال، حُرًّا من شعور التقصير والإهمال.
وبلا شك قد تأتي على الإنسان بعض الفترات التي يقل فيها حماسه تجاه ما يعمل لأجله، لذا كان “الانضباط الذاتي” نوعًا من الثبات الروحي الذي يحفظ الإنسان حينما يواجه الكسل أو المماطلة، كما أن التشتيت هو إحدى الآفات التي يواجهها الإنسان، لذا كان الانضباط الذاتي سلاحًا لحفظه من المشتِّتات، وأن يستعيد تركيزه ويضبط وجهته مرة أخرى.
وبالتالي يمكننا أن نُبسِّط معنى الانضباط الذاتي في استمرار الإنسان في أعمال مع غض الطرف عن مزاجه الشخصي، فقوة الالتزام مهما تغيَّرت الظروف دليل تماسك الشخصية وقوَّتها.
الفكرة من كتاب الانضباط الذاتي
طالما تحدَّثت كُتب التنمية الذاتية عن أهمية ضبط الذات، وأن يكون الإنسان قادرًا على التحكُّم بأفعاله، وفي الغالب يكون غرض هذا النجاح نجاحًا دنيويًّا، وبلا شك هو أمر ضروري، ولكن ما ميزان “الانضباط الذاتي” في غاية وجود الإنسان في هذه الحياة؟
إن قيمة “الانضباط الذاتي” تتضح أهميتها ودورها الكبير إذا ما ارتقى الإنسان بغايته من الحياة، والإسلام جعل غاية الإنسان تحقيق العبودية لله (عز وجل)، لذا فإننا باعتبارنا مسلمين سندرك أهمية قيمة الانضباط الذاتي بشكل أوسع وأهم من أي شخص آخر، فالحياة تشبه المعركة التي لا بد أن نخوضها، والانتصار الأوَّل والأكبر في هذه الحياة هو الانتصار على النفس، وحينما ينتصر الإنسان على نفسه فإنه يتحرَّر من استبعاد العادة والهوى، ويبقى حُرًّا طالما بقي حيًّا.
مؤلف كتاب الانضباط الذاتي
الدكتور عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار: كاتب سوري وأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود، يعدُّ أحد المؤلفين البارزين في مجالات التربية والفكر الإسلامي، حصل على درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة.
ألَّف العديد من الكتب، منها: “تكوين المفكر”، و”طفل يقرأ”، و”القراءة المثمرة”.