مدخل في أخلاقيات الإدارة
مدخل في أخلاقيات الإدارة
لم تكن أدبيات الإدارة تحسب في اهتماماتها أخلاقيات الأعمال إلى عهد ليس ببعيد ولم يكن للإدارة هدف سوى الربح والكفاءة، مستبعدة أن يكون للأخلاقيات أثر في الربح، ثم شهدت السنوات الأخيرة اهتمامًا بأخلاقيات الإدارة بعدما أصبحت الشركات والمؤسسات أكثر عُرضة للمآزق الأخلاقية نتيجةً لتحول المنافسة إلى حروب طاحنة وزيادة الاتجاه نحو العولمة وتفشِّي ظاهرة الفساد الإداري وتطوُّر أشكال الفساد، وغير ذلك من عوامل، ولذلك فقد اتجهت الشركات إلى الاهتمام بمدوَّنات أخلاقيات الإدارة وظهرت أخلاقيات تخصُّصات عدة كأخلاقيات الإنترنت والحاسوب وإجراء التجارب الحيوانية، وأصبحت تُدرَّس مواد أخلاقيات المهن في مقرَّرات الكليات وخُصِّصت لها دراسات ومراكز أبحاث، وقد شعرت المؤسسات أخيرًا بالتكلفة العالية لسوء التصرُّف الأخلاقي في العمل، وأن التركيز على الربح وحده عقَّد من الأمور لدرجة أن اختلط الصواب والخطأ بغياب البُعد الأخلاقي في اتخاذ القرارات وحل المشكلات.
وعلى الرغم من عدم وجود تعريف دقيق لأخلاقيات الإدارة فإننا نجد من يعرِّفها بأنها تلك الأخلاق (Ethics) بوصفها مجموعة من قيم ومعايير المجتمع التي تفصل الصواب عن الخطأ، فهي بذلك بنت التاريخ والمعتقدات الدينية والثقافة الوطنية وغير ذلك، وقد عرَّفها جون ديوي وأندرو ستارك وروبنز وغيرهم، ولكن ما يعنينا هو البُعد العلمي الذي أضفاه ڤان ڤالوك على أخلاقيات الإدارة، إذ يرى أنها “الدراسة المنهجية للخيار الأخلاقي التي يتم من خلالها اختيار ما هو جيد”، وكذلك البُعد الموضوعي في تعريف بيتر دراكر، إذ يقول عنها: “هي العلم الذي يعالج الاختيارات العقلية على أساس القيم بين الوسائل المؤدية إلى الأهداف”، وكل ذلك اعترض عليه بعض رجال الأعمال باعتبار أن أخلاقيات الإدارة تقلِّص من مسؤوليتهم الأولى: الربح المادي، وكذلك اعترضه كثير من الباحثين لكون الأخلاق غير محددة فلا تدخل في نطاق العلم.
لقد ركَّزت الإدارة على الكفاءة كثيرًا وما زالت الدعوات تهتف باسمها إلى الحد الذي جعل إيمرسون يصرِّح متحدثًا عن “إنجيل الكفاءة”! وذلك في تجاهل تام لما سبَّبته الرؤية الأحادية المرتكزة على الكفاءة وحدها من مشكلات عديدة.
الفكرة من كتاب أخلاقيات الإدارة ومسؤولية الأعمال في شركات الأعمال
“الموظف رقيق القرن العشرين” جملة ساقها الأديب المصري عباس العقاد في حديثه عن استقالته من الوظيفة عام 1907م تدفعنا إلى التساؤل عما إذا كانت النظريات السائدة في الإدارة والأعمال حينذاك تجاهلت حقوق الموظف والعامل كإنسان لتكون الوظيفة كما يصفها العقاد “رقًّا” وعبودية؟ وإن كان الحال كذلك عصر العقاد فكيف كان في العصور السالفة وكيف هو الآن؟
يستعرض الكتاب مقدمة تاريخية عن أخلاقيات الإدارة والعمل وقضاياها المعاصرة وتطوُّراتها وأنسنتها كما يلمس تحوُّلاتها في القطاعات المهنية المختلفة مناقشًا تجارب الدول في الإدارة وانعكاساتها على أخلاقيات الإدارة.
مؤلف كتاب أخلاقيات الإدارة ومسؤولية الأعمال في شركات الأعمال
د. نجم عبود نجم: كاتب ومُحاضر بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، ويهتم بالتأليف في مجال الإدارة والأعمال.
ومن أبرز مؤلفاته:
إدارة الابتكار.
إدارة الجودة الشاملة.
القيادة الإدارية في القرن الـ21.