ماذا يحدث لي؟
ماذا يحدث لي؟
من سنن الله في كونه سنة التدرُّج، والتي نراها في كل شيء من حولنا تقريبًا، بل وفي أنفسنا كل الأشياء متغيرة وكلها تمر بمراحل مختلفة من ضعف إلى قوة ومن قوة إلى ضعف، من موت إلى حياة ومن حياة إلى موت، من نقص إلى اكتمال ومن اكتمال إلى نقص وهكذا، ونحن بنو آدم نمر بأطوار مختلفة في حياتنا، من الطفولة التي تأخذ وقتها ثم المراهقة ومن ثم الشيخوخة، وكل مرحلة فيها تغيرات معينة تناسب طبيعة الانتقال وطبيعة هذه المرحلة وهذه التغيرات النفسية والجسدية المختلفة حين نفهمها ونساعد المراهق على فهمها ونعلمه حسن التعامل معها يجعلها في صالحه فتمر المرحلة بانسيابية وهدوء من غير انحرافات أو مشاكل.
لم يُغفل التشريع الإسلامي هذا التغاير في حياة الإنسان، وهو من البداية قد عرَّفه نفسه وبدايته ومصيره وما سيمر به وكيف يتعامل معه، منظومة كاملة من معرفة الذات وفهم الحياة والتي تؤدي إلى فهم ومعرفة الخالق، هذه المعرفة لا بد أن تنمو مع نمونا لتُجنِّبنا كثيرًا من عثرات المراهقة من مشاكل نفسية وانحرافات دينية وتسرُّع واستعجال للنتائج ورغبة شديدة في سلوك مسالك الكبار، ومن الانفعال الزائد وعدم فهم التقلُّبات، فضلًا عن محاولة السيطرة عليها مع القلق على المستقبل والوظيفة والزواج ومن الانجذاب إلى الملهيات والانشغال بتلبية الشهوات في غير أُطرها الشرعية ومن الميل إلى أصدقاء السوء وغيرها، هذه المعرفة التأسيسية التي يصاحبها عرض لمسيرة نماذج تاريخية ومعاصرة تبني شخصية متوازنة ناضجة واعية تخطو خطوات صحيحة على طريق مستقيم غير معوج.
تأتي حساسية هذه المرحلة من وقوعها بين مرحلتي الطفولة والنضج، ولذلك نجد المراهق يحاول أن يخرج من أطوار الطفولة التي كان فيها، يريد أن يستقل برأيه، وأن يُسمع، وأن تتاح له حرية التصرف والقرار، يريد أن يزاحم وأن يثبت وجوده في مجتمعه، نجده ميالًا إلى أصدقائه أكثر لوجود تلك المساحة بالطبع، بالتالي فإن تعاملنا معه هو ما يحدِّد اتجاه هذه المرحلة ويرسم لنا صورة من مستقبلها، فالتعامل بأريحية ورحابة صدر وترك مساحة آمنة من أن يسأل ويستفهم ويبدي رأيًا كما يفعل في مجتمعه الصغير مع أصدقائه يساعده على تكوين شخصيته ويشعره بالأمان نحونا.
الفكرة من كتاب الشباب شعلة تُحرق أو تُضيء
ينشأ الخوف من مرحلة المراهقة التي يمر بها الأطفال في طريقهم نحو النضوج إلى جهلنا وجهلهم بطبيعة هذه المرحلة وخطأ التعامل معها وخوفنا من انحرافهم عن الطريق المستقيم، في حين أن هذه المرحلة ليست عنوانًا للانحراف وليست هي نهاية الطريق، وإنما من شأنها أن تكون عنوانًا للنجاح والتفوق أيضًا.
مؤلف كتاب الشباب شعلة تُحرق أو تُضيء
نعيم قاسم: مواليد كفرفيلا عام 1953، رجل دين شيعي “من الشيعة الاثناعشرية” ونائب أمين عام حزب الله بلبنان الذي أسهم في تأسيسه، درس الكيمياء وحصل على الليسانس والكفاءة فيها باللغة الفرنسية من الجامعة اللبنانية، كما تزامنت دراسته الدينية مع دراسته للكيمياء.
وله عدة مؤلفات منها:
قصتي مع الحجاب.
المهدي المخلص.
سلسلة شرح رسالة الحقوق للإمام زين العابدين.