لماذا لا يمكنك شراء سيارة مستعملة بحالة جيدة؟
لماذا لا يمكنك شراء سيارة مستعملة بحالة جيدة؟
تنهار الأسواق وتتصف باللافاعلية عندما يعرف أحد أطراف الصفقة معلومات يجهلها الطرف الآخر، فينتج عن هذا التفاوت في المعلومات (أو ما يسمى بعدم التماثل المعلوماتي) عدم بيع بعض المنتجات عالية الجودة أو تباع بكميات محدودة؛ فيترتب على ذلك عدم عمل الأسواق بالكفاءة المطلوبة، ويضرب تيم مثالًا على ذلك بسوق السيارات المستعملة، فالبائعون يعلمون 100% مدى جودة سياراتهم، أهي سيارات جيدة أم خردة؟ بينما المشتري يواجه احتمالًا 50% أن تكون جيدة، واحتمالًا آخر بنفس الدرجة أن تكون خردة؛ فلو كانت السيارة سعرها 4000 دولار، فإن البائع غير مستعد أن يبيعها بأقل من ذلك، كما أن المشتري لن يُقبل على شراء سيارة باحتمال 50% أن تكون خردة، ما يعني انهيار الأسواق وخرابها.
فبالتالي لا يكفي أن يقول بائع السيارت الجيدة “إن كل سياراتي جيدة”، لأن بائع السيارات الخردة يستطيع أن يقول نفس القول، فهي عبارة لا تحوي بين جنباتها أي معلومات تفيد المشتري، وبالتالي فإن إشارة الجودة الحقيقية تكمن في الإشارة التي لا يستطيع بائع السيارات الخردة تقليدها أو تحمل نفقاتها، كأن يعرض بائع السيارات الجيدة السيارات في صالة فاخرة، ديكوراتها باهظة الثمن، فتلك إشارة تترك انطباعًا لدى المشتري أن البائع ينوي البقاء في السوق لفترات طويلة، ما يعني أن سياراته جيدة.
وهذا الأمر لا يتوقَّف عند الأسواق التي تبيع المنتجات المستعملة، بل تتعدَّاه إلى أسواق أخرى كثيرة يظهر فيها عدم التماثل المعلوماتي بين الأطراف، فحملات الدعاية الضخمة، باهظة الثمن التي تقوم بها الشركات لا تعطيك أي معلومات إلا معلومة وحيدة “إن الإعلان كلَّفَ الشركة أموالًا ضخمة”، فتبعث في نفس المشتري أنها تنوي البقاء في السوق، وبالتالي تتعهَّد أمامه بأنها ستراعي أن تكون منتجاتها عالية الجودة.
الفكرة من كتاب المخبر الاقتصادي
ربما وأنت تطالع هذا الملخَّص لم توصِ أخضر بأن يقوم بتلخيصه من أجلك، بل ربما لم يخطر على بالك وأنت تتصفَّح التطبيق أنك ستقرأه، رغم ذلك وبشيءٍ من السحر قام العشرات بما يلزم من أجل تلبية رغباتك غير المتوقعة، بدءًا من المعدين، ثم المحررين، ثم المدققين اللغويين، ثم المعلق الصوتي، وغيرهم، فأي منتج يصل إليك كمستهلك هو نتاج جهد ضخم لعدد كبير من الأشخاص، ففنجان القهوة الذي تشربه وأنت تقرأ هذا الملخَّص يكمن خلفه نظام معقد جدًّا، يبدأ من زرع البُن، ثم قطف ثماره، وصولًا إلى تحميصه، وكذلك سبك الصلب، وشكل اللدائن لصناعة آلة القهوة، إلى جانب المواد التي يصنع منها الكوب الذي يوضع فيه مشروب القهوة، وصولًا إلى اليد الأخيرة (أنت).
مؤلف كتاب المخبر الاقتصادي
تيم هارفورد Tim Harford خبير اقتصادي يكتب في مجلة “فاينانشال تايمز” Financial Times، عَمل في السابق مدرسًا لمادة الاقتصاد بجامعة أكسفورد، له كتب عديدة منها:
The Logic of Life
How to Make the World Add Up
The Undercover Economist Strikes Back
Adapt: Why Success Always Starts with Failure