لماذا؟
يستخدم المُسيء الألاعيب النفسيَّة، ويسعى إلى إخفاء الأخطاء التي يرتكبها ويلقي اللوم على الآخرين باستمرار بسبب عادة مُكتسبة تُسمى بالانحراف النفسي، وهي حيلة نفسيَّة تُستخدم لجذب الانتباه بعيدًا من أجل حماية النفس أو السيطرة على الآخرين، وتُكتسب إذا نشأ الفرد في ظل أب لا يعترف مطلقًا بأخطائه، أو في ظل جو من القمع والإساءات النفسيَّة والجسديَّة، التي تُجبر الفرد على اكتساب بعض السلوكيات السامة، كجعل شخص ما يشعر بالذنب لإجباره على تغيير تصرفاته أو شعوره، أو استخدام الإسقاط، وهو آلية دفاعيَّة يلقي فيها الفرد عيوبه على الآخرين، فعلى سبيل المثال إذا كان يكره شخصًا ما، يتهم هذا الشخص أنه يكرهه.
وقد يستخدم الإبطال العاطفي، عملية إنكار أو رفض مشاعر شخص ما، أو الإنكار وهو آلية دفاعيَّة لها عدَّة أشكال، وهي الاستبعاد والتبرير والتقليل والنفي والانعكاس ولعب دور الضحية، فيُمكن أن يدفع الفرد بالمشكلة بعيدًا باعتبارها غير مهمة، أو يصنع حقيقة لجعل الأمور تبدو معقولة، أو يُقلل من تأثير المشكلة، أو ينفي وجودها من الأساس، أو قد يعكس الحقيقة ليصنع واقعًا مُزيفًا، أو يلعب دور الضحية ليجعل الشخص الآخر مخطئًا.
للتعامل مع هذه الانحرافات يجب عدم توجيه أي جمل اتهاميَّة كأن تفعل كذا وكذا لعدم تفعيل آلية الدفاع، بدلًا من ذلك يُفضل استخدام عبارات مثل “أنا أشعر بكذا”، ولأن التعامل مع أشخاص يتملصون من تحمل المسؤولية محبط للغاية، ينبغي الحفاظ على الهدوء وعدم الاستسلام للإساءات عبر تدوين اليوميات لملاحظة الأنماط المسيئة المتكررة، والتركيز على الحقائق، وفرض حدود لما يجب تحمله وما لا يجب تحمله، كما ينبغي في حالة النقاش الحاد، ترك فرصة للطرف الآخر للتفكير بعيدًا عن الضغط، وللتأكد من أننا لا نستخدم الألاعيب نفسها، وإن لم تُجدِ هذه الإرشادات نفعًا، تُتخذ إجراءات تصعيدية كالتواصل مع الأقارب، أو اللجوء إلى معالجين وإلى القانون إذا لزم الأمر، والابتعاد عن الشخص المُنحرف سلوكيًّا.
الفكرة من كتاب تعافيت.. طريقك نحو التحرر من قيود التعلق العاطفي والإساءات النفسية
“تغافل لكي تستمر الحياة”..
“هكذا هي الحياة”..
“لا أحد سعيد”..
هذه عينة من المُثبطات التي تُستخدم للبقاء في العلاقات السامة، فالطبيعة البشريَّة تُفضل البقاء في منطقة الأمان الضيقة | comfort zone بدلًا من السعي إلى التغيير، وتنتظر أن تتغير الأوضاع وحدها دون تدخل، لكن كما وعد الله -عز وجل- في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾، وأولى خطوات التغيير هي خطوة استكشاف البذور المُسرطنة التي غُرست في العقول منذ الطفولة، وكيف تحولت تلك البذور إلى أفكار وسلوكيات وأدوار مُشوهة جعلت من ذويها فريسة سهلة للإساءة والاستغلال.
مؤلف كتاب تعافيت.. طريقك نحو التحرر من قيود التعلق العاطفي والإساءات النفسية
علي موسى: كاتب وخبير العلاقات وتطوير الذات، حاصل على البكالوريوس في علوم الاتصال من كلية الإعلام جامعة القاهرة، ودبلومة الصحة النفسيَّة من جامعة عين شمس، وشهادات من غرفة التجارة الأمريكيَّة والاتحاد الدولي للمدربين في مجال التطوير والقيادة، بالإضافة إلى شهادات من الولايات المُتحدة الأمريكيَّة في مجال التدريب، قدم عديدًا من الاستشارات والمحاضرات في العلاقات الأسريَّة وتطوير الذات داخل مصر وخارجها، كما صدر له عدد من المؤلفات، منها:
كتاب GPS: كيف تعيش سعيدًا بعد الزواج.
اكتفيت: لا مزيد من الوجع – لا مزيد من الخذلان.
الزم حدودك: روشتة واقعية للتعافي من العلاقات المؤذية.