عمالقة البيج داتا على قمة العالم
عمالقة البيج داتا على قمة العالم
قد ذكرنا سابقًا العلاقة المجملة بين الداتا والسياسة، لدرجة مساهمتها في اختيار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، ويُضرب بحملة أوباما الانتخابية الأولى والثانية المثل في الاستغلال السياسي لقوة الداتا، والغريب أن مستخدمي الإنترنت يثقون بمحركات البحث أكثر من وسائل الإعلام التقليدية، مما يجعل كفة موازين القوى تميل ناحية عمالقة الداتا، ونراهم يطوّعون السياسيين من خلال التعاون معهم، لدرجة أن مديريها التنفيذيين يرفضون تولي أكبر المناصب الحكومية للبقاء في مراكزهم.
يرى المحللون أن الاقتصاد العولمي يساوي اليوم اقتصاد مؤسسات الإنترنت، وأن مصير البشرية تتحكم به قلة من الأفراد المهيمنة شركاتهم على العالم، ممتلكين أكثر من نصف ثروته، غير مهتمين بالأضرار الناشئة عن انغماس المستخدمين في أدواتهم الرقمية، فمن نقص الانتباه إلى عبادة السرعة، تتهافت أدمغتنا لالتقاط المعلومات التالية، وانصب البحث عن المزيد والمزيد من كل شيء، حتى الأنشطة الثقافية المتطلبة تعمقًا ووقتًا كافيًا باتت رقمية، فالكتب الرقمية تعد كنزًا لدور النشر، لأن بإمكانها معرفة الفصول التي أعجبتك وما الذي جعلك تتخطى هذه الصفحات.
يقع الخطر الأكبر على الأجيال التي نشأت في ظل ترسخ الأدوات الرقمية، فقد انساقوا وراء الانغماس في العالم الافتراضي، ولم ينجح آباؤهم في منعهم، بل وحتى المدارس دخلت في سياق التسويق للمنتجات الرقمية واستهلاكها، فكان السبق لأبل في غزو المدارس بالأدوات الرقمية بحجة تحسين التعليم، ولك أن تتخيل آثار كل تلك الصور والسرعة والاستهلاك في ذاكراتنا، فكلما ازدادت المساعدات الإلكترونية لأداء وظائفنا قل دور قدراتنا الذهنية وتدهور مع الوقت.
الفكرة من كتاب الإنسان العاري.. الدكتاتورية الخفية للرقمية
كتب جورج أورويل روايته الشهيرة “1984” عن عالم خيالي، أفراده مراقبون باستمرار من الحاكم الذي يطلق عليه الأخ الكبير، فما مدى تشابه عالمنا الرقمي مع عالم جورج أورويل؟ منذ أن تفتح عينيك وتتصل بالإنترنت تبدأ مراقبتك، فالداتا تحل محل الأخ الكبير، وتتشابه الرغبة في السيطرة لديه مع شركات الداتا العملاقة، فلماذا ترى المؤسسات التكنولوجية العملاقة بياناتك كنزًا ثمينًا؟ وما تأثيرات العيش في عالم رقمي في إدراكنا ووعينا؟ أين ذهبت الخصوصية والمراقبة السياسية لتكنولوجيا المعلومات؟ وهل ستقودنا الداتا إلى عالم تسيطر عليه الآلات وتستعبد البشر؟
مؤلف كتاب الإنسان العاري.. الدكتاتورية الخفية للرقمية
مارك دوغان : كاتب صحفي وروائي ومخرج سينمائي فرنسي، ولد بالسنغال عام 1957م.
كريستوف لابي: مؤلف وصحفي بمجلة لوبون الفرنسية
معلومات عن المترجم:
سعيد بنݣراد | Said Bengrad: مفكر وباحث وأستاذ السيميائيات بكلية الآداب جامعة محمد الخامس أكدال بالرباط بالمغرب، وهو المدير المسؤول لمجلة “علامات”، وهي مجلة متخصِّصة في الدراسات السيميائية، نشر عديدًا من المؤلفات منها:
مدخل إلى السيميائية السردية.
البحث عن المعنى.
ومن ترجماته:
-أنا أوسلفي إذن أنا موجود.. تحولات الأنا في العصر الافتراضي.