على دَرب القدر يمشي
على دَرب القدر يمشي
ذات يوم كان موسى -عليه السلام- يمشي في أحد دروب بلدته، حتى استوقفه خلاف شهده بين رجل من قومه وآخر من رجال فرعون، فاستغاث به الذي من بني إسرائيل فهبّ لإغاثته، وبمحض الخطأ وكز عدوّه وكزة أودت بحياته، وجرّاء هذا أصبح مرصودًا عند فرعون مُطالبًا بإحضاره، ولما تدارك موسى الخطر الراهن قرر مغادرة مصر إلى مدين ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾.
عندما تسير في درب قدرك يجب أن تكون حذرًا، كما يقول الله تعالى في سورة النساء: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ﴾، لا تنطلق تجاه الشيء بعفوية مفرطة دون أن تنتبه للعواقب وتحسب حسابها.
تأمل قصة أصحاب الكهف، يصحون من سبات امتدّ لأعوام، فيجدون كل شيء قد تغير، لا الزمن هو الزمن، ولا الأرض هي الأرض، فيرسلون أحدهم ليتقصى ويستفهم بخفة دون أن يلفت الأنظار ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا﴾، فليس الاحتراس عيبًا، على العكس إنه درب من دروب النباهة.
في ليلة هجرة النبي ﷺ حين عرف أن الكافرين يترصدون له احترس وأعد العدة، فجعل عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- ينام مكانه ليضللهم إذا ظنوا أنهم وجدوه، واتفق مع عبد الله بن أريقط أن يدله على المدينة ليضللهم إذا ظنوا أنهم لحقوه، وحتى يوم الخندق أرسل حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- ليستطلع حجم العدة والعتاد، فكان ﷺ حريصًا حذرًا، يدرك قوة عدوه ويقرّ بها بلا إنكار دون أن يغترّ، فيجابهها بقوة مماثلة، أو تزيد بيقينه أن الله معه إذن لن يضيع.
الفكرة من كتاب إلى الظل: قوانين للحياة
قصة دعوة نبيّ الله موسى -عليه السلام- من أقرب قصص الأنبياء إلى قلوب العباد، لأنها تلمس زلات المرء وضعف حيلته لولا إرشاد الله ومعيته له.
ومن خلال رحلتنا مع كتابنا نستخلص قيمًا وقوانين تؤوينا إلى الظل حيث تخطّي الهفوات ومعالجتها، فلكل موقف في حياة موسى -عليه السلام- حكمة يرسلها لنا الله على هيئة قصة، فلا نبرحها حتى نبلغ المقصد ونحفظه عن ظهر قلب.
مؤلف كتاب إلى الظل: قوانين للحياة
علي بن جابر الفيفي: حاصل على درجة الماجستير في تخصص الدعوة، يعمل محاضرًا في قسم اللغة والشريعة في كلية البرامج المشتركة بالمحالة، له أبحاث علمية مميزة في هذا المجال.
من أهم أعماله:
الرجل النبيل، لأنك الله، سوار أمي، حلية الوقار.