صداقة قوية.. وزيارة لقصر الرحاب
صداقة قوية.. وزيارة لقصر الرحاب
تكررت زيارات أندرو لفيصل بشكل أسبوعي توثَّقت فيها العلاقة بينه وبين فيصل وخَدَمِه، وعرف مقدار الحب والولاء الكبير الذي يكنّه العريف عبد الله إلى الملك الصغير، كما قابل أندرو الملكة الأم التي استقبلته بعطف وسعادة طالبةً منه ألا يناديها بجلالة الملكة، بل بأم فيصل لأنه أصبح صديقهم.
شجَّع هذا الإطراء خالةَ أندرو على أن تأخذه لزيارة الأميرات الثلاثة في قصر الرحاب كونها صديقة لهم، إذ حَضرَت معهم عدة مناسبات منها السفر إلى القاهرة لحضور حفل زفاف شقيقة ملك مصر فاروق من شاه إيران، ويُذكر أن خالته قد ذكرت له أن الملك فاروق لم يكن شخصًا لطيفًا، وعلى أي حال فقد ذهب هو وخالته وأمه إلى قصر الرحاب واستقبلتهم الأميرات بحرارة.
وبينما الجمعُ جالسون حدث أن وصل رجل نحيل يرتدي بدلة أنيقة وله شعر أسود لامع كعينيه، فنهضوا احترامًا له في الوقت الذي استقبل هو ذلك بابتسامة أظهرت أسنانَه البيضاء، وقد كان ذلك هو صاحب السموِّ الملكيّ الأمير الوصيّ عبد الإله.
مع انقضاء الشتاء ودخول العام الجديد، تحسَّنَت لغة أندرو الإنجليزية والعربية، وقد تم إخباره بأن الملك الصغير يرغب في مرافقته له إلى مدينة راوندوز لقضاء عطلته الربيعية، فانهالت إرشادات الأم والخالة له خوفًا من تصرفات مُحرجة يفعلها أندرو، ولقد لاحظ خلال الرحلة كم أن السفر مع ملك هو أمر مختلف تمامًا، فكل القرى الصغيرة والمدن كان يخرج منها السكان في صمت واندهاش تجاه القافلة الملكية، ولم يكن يعرف أهذا خوف أو كراهية!
الفكرة من كتاب ملك العراق الصغير.. فيصل الثاني
في الساعات الأولى من يوم 14 يوليو لعام 1958م، فوجئ العالم أجمع بخبر سقوط الحكم الملكي الهاشمي بالعراق وإعلان العهد الجمهوري، ولم يكن ذلك الحدث عاديًّا كأي ثورة أو سقوط لنظام حُكم، فلقد شهِد عملية قتل جماعي لجميع أفراد العائلة المالكة بمن فيهم ملك العراق الأخير الشاب فيصل الثاني.
وبما أن التاريخ يكتبه المنتصرون، فلم تُتح اللحظة للنظر في تاريخ وشخصية هذا الملك الصغير الذي انتقل الحكم إليه وهو في عامه الثالث ليصبح أصغر ملك في العالم، وقد تطلَّب الأمرُ نحو خمسين عامًا لكي يقوم شخصان بنشر مُذكراتهما، كونهما أقرب فردين للملك الصغير آنذاك، وهما إليزابيث موريسون، المُربية الأولى لفيصل ويُكنّى اسمها بـ”بتي Betty”، ومايكل آرنولد صديق فيصل في طفولته.
مؤلف كتاب ملك العراق الصغير.. فيصل الثاني
إليزابيث موريسون: هي معلمة إنجليزية عملت مُربية ومُعلمة للملك فيصل الثاني في صغره لأكثر من عامين.
مايكل أرنولد: هو كاتب أيرلندي الأصل، انتقل إلى العراق خلال الحرب العالمية الثانية مع احتلال ألمانيا النازية لبولندا، وأصبح صديقًا مقربًا للملك فيصل الثاني في طفولتيهما، وقد ألف كتاب “لعبة النرد.. رحلة صبي عبر ثلاث ثقافات”.
معلومات عن المترجم:
علي أبو الطحين:كاتب ومترجم عراقي، اهتمَّ بإعداد وجمع الُمؤَّلفات والمُذكِّرات ذات العلاقة بالحُكم الملكيّ الهاشمي في العراق، ومن أهم أعماله كتاب العائلة المالِكة في العراق، الذي تضمن مجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة التي نجت من الحرب، وتدمير قصر الزهور بعد الاحتلال الأمريكي.