سياسات التدخل وجعلِ العالم قابلًا للتنبؤ
سياسات التدخل وجعلِ العالم قابلًا للتنبؤ
في كثيرٍ من الأحيان، تكونُ الأشياءُ التي يصنعُها الإنسانُ هشّة، ولا تتحسنُ من خلالِ الصدمات والأحداثِ غيرِ المتوقَعَة. فقد يكونُ النظامُ الذي يصنعُهُ الإنسانُ قويًا، لكنه نادرًا ما يكونُ غيرَ هَش. على سبيلِ المثال، فكّرْ في السيارة, يمكنُ للسيارة أن تسيرَ آلافَ الأميالِ وتستمرَ لعشراتِ السنين، ولكن بمرورِ الوقت، استخدامُهَا سيجعلُهَا أضعف.
ومع ذلك، هناك بعضُ الأنظمةِ مُقاومةً للهشاشةِ اصطناعياً. على سبيلِ المثال، مثلمَا ذكرنا، إن للاقتصادِ هيكلًا مُعقدًا للغايةِ، لدرجةِ أنه أصبحَ مُقاومًا للهشاشة. ولكن عندما يصبحُ الناسُ أكثرَ ذكاءً، يصبحون أيضًا أكثرَ غطرسةً، ويريدون المزيدَ من السيطرة على العالم.
من الضروريِ للاقتصادِ ليكونَ قويًا، أن يكون غيرَ مُتناسق، ويحتوي على التناقضات، والصدمات والضغوط التي تحدد الوحدات التي يجب أن تموت لتقوية النظام.
ولكن السياسيين والاقتصاديين في محاولةٍ منهم للسيطرةِ علي الاقتصاد، وبسبب كُرْهِهِم لعدم التنبوء، سيتدخلون لجعله أكثرَ قابليّةٍ للتنبؤ، محاولين إزالة الضغوط، ولكن هذا سيُضْعِفُ النظامَ في النِهاية.
إن سياسةَ التدخلِ في النظام، تُسمى التدخُّلَ الساذِج، فنحن لا نعرِفُ بقدرِ ما نعتقد أننا نَعْرِف، وهذا يعني أنه بدلاً من تحسين أنظمتنا، ينتهي بنا الأمرُ إلى جعلِهَا أكثرَ هَشَاشَة. فبمُحاولةِ جعلِ هذه الأنظمةِ أكثرَ قابليةٍ للتنبؤ، فإننا نُلغي التناقضاتِ التي يحتاجُ إليها للبقاء والتطور.
من دون التناقض، لا توجدُ مُقاومةٌ للهشاشة. بتدخُّلنا، لم تعدِ المشاكلُ ظاهرةً للعِيَان، بل مختبئةً تحت هدوءٍ زائف. ثم ودونَ مُقدمات، تصلُ هذه المشكلاتُ إلى أبعادٍ هائلة، يصعبُ التعاملُ معها.
تعدُ حرائقُ الغابات مثالًا على ذلك، كلُ غابةٍ مُعرضةٌ لخطرِ الحرائق. في كل مرةٍ يحدثُ فيها حريقٌ صغير؛ ذلك، يقلل احتماليةَ نُشُوبِ حريقٍ كبير؛ حيثُ تعملُ الحرائقُ الصغيرةُ بشكلٍ دوريٍ على إزالةِ الموادِ القابلةِ للاشتعال من الغابة، دون وصولِهَا لعددٍ أكبرَ من الأشجار. إذا تدخلنا ومنعنا الحرائق الصغيرة، سنصبح أكثر عُرضةً للحرائقِ الكبيرة.
الفكرة من كتاب مُضَادُّ الهشاشة
يتناول كتاب “مضادُّ الهشاشة” الأشياءَ والأفكارَ التي تستفيدُ من الفوضى وتحتاجُها للبقاء.
ففي عالم الأشياءِ مُضاداتُ الهشاشة يُصبحُ عدمُ التأكُّدِ ضروريًا، لأنه فقط ما هو مقاومٌ للهشاشة، يمكن أن ينمو ويتطور.
مؤلف كتاب مُضَادُّ الهشاشة
نسيم نيكولاس طالب هو أكاديمي ومؤلف للعديد من الأعمال الأكثر مبيعًا مثل البجعة السوداء ومخدعون بالعشوائية.كرس حياته لدراسة سبب وآثار الاحتمالات وعدم اليقين. وهو حاليًّا أستاذ في هندسة المخاطر بمعهد الفنون التطبيقية بجامعة نيويورك.