ريع الأرض
ريع الأرض
كان أوَّل من قال بنظرية الريع هو الاقتصادي ريكارودو أحد رواد النظرية الكلاسيكية في الاقتصاد وقد تلقَّفها ماركس وتبنَّاها، وتتركَّز الفكرة الأساسية لنظرية ريع الأرض حول التفاضل النسبي بين ريع الأراضي طبقًا لتفاضلها في الخصوبة، فالأرض الأكثر خصوبة تغلُّ ناتجًا أعلى من الأقل خصوبة وكذلك تتطلَّب تكاليف أقل للاعتناء بها، لذا تستحق ثمنًا أعلى (ريعًا) مقابل الاستفادة من خدماتها، ومن هنا أُطلق على تلك النظرية الريع التفاضلي، وحاول ماركس تطوير تلك النظرية وربطها بمعيار العمل كأساس للقيمة، فأدخل عليها فكرة الريع المكثَّف الناتج عن العمل المبذول من قِبل عمَّال الأرض لزيادة الخصوبة الزراعية، ومن ثم أرجع ماركس الخصوبة إلى فكرة العمل المختزن داخل الأرض، ومن هنا يمكن تفسير اختلاف الريوع والطاقة الإنتاجية بين الأراضي المختلفة في الخصوبة طبقًا لمعيار العمل، ولكنَّ الرأسماليين رفضوا تلك الفكرة.
وهكذا كانت تلك النظرية إحدى جولات الصراع بين ماركس وأنصار النظرية الاشتراكية من جانب وبين الرأسماليين من الجانب الآخر، حيث رأى ماركس في الرأسماليين استغلال الأوضاع القائمة للحصول على عوائد وأرباح احتكارية كبيرة دون أي عمل يُذكر في مقابل العمال الذين يقع عليهم العبء الأكبر من العمل، ورغم ذلك يُلقى لهم الفتات من عوائد العملية الإنتاجية، وعلى الناحية الأخرى وجَّه ماركس نظره ناحية الريع المطلق وليس التفاضلي، وهو الريع الذي يتم دفعه لأقل الأراضي خصوبة.
وكما أسلفنا القول في أسعار الفائدة يرى ماركس أن الريع هنا يتحدَّد وَفقًا لظروف مبنيَّة على الواقع الاقتصادي والتركيب العضوي للنشاط المستخدم فيه الأرض، ذلك أنها أحد الشروط الطبيعية للإنتاج، وبسبب هذا الإبهام في التصوُّر الماركسي لم تصمد نظريته كثيرًا، وجرت محاولات عدة لإصلاحها وسد بعض أوجه النقص فيها من قِبل أتباعه من الماركسيين بعد ذلك، ولكن النتائج لم تخلُ من الملاحظات في نهاية المطاف، حيث طغى الجانب الفلسفي على المواءمة مع الواقع الاقتصادي.
الفكرة من كتاب قانون القيمة المعولَمة
يمكن القول إنه ليس هناك نظام واحد يمكن أن تنتهجه جميع الدول لصنع نهضتها، ففي الوقت الذي كانت الصين تنتهج النهج الاشتراكي لتبنِّي جذور نهضتها التي نلمسها اليوم بوصفها قوة اقتصادية عملاقة تحرِّك الكثير من عرائس الشمع السياسية في العالم نجد أنه على الجانب الآخر من العالم كانت الرأسمالية تبني أقوى قوة في العالم اليوم وهي الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك يعد هذا الكتاب من الدراسات المقارنة في الأدبيات الاقتصادية التنموية المعاصرة ربما نتمكَّن من خلاله انتقاء ملامح التنمية التي تتوافق مع معادلتنا الاجتماعية الخاصة.
مؤلف كتاب قانون القيمة المعولَمة
سمير أمين Samir Amin: مفكِّر واقتصادي مصري، وُلِد في 3 سبتمبر 1931، في محافظة بور سعيد، سافر إلى باريس حيث حصل على دبلوم في العلوم السياسية قبل أن يأخذ شهادة التخرُّج في الإحصاء والاقتصاد، ويعود إلى مصر حاملًا شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من السوربون، وعمل مستشارًا اقتصاديًّا في مالي وجمهورية الكونغو ومدغشقر وغيرها من الدول الأفريقية، كما عمل مديرًا لمعهد الأمم المتحدة للتخطيط الاقتصادى IDEP بداكار لعشر سنوات طوال السبعينيات، حيث تصدَّى لمقولات عديدة سائدة عن التنمية والتحديث وخطط المؤسسات المالية الدولية، وشارك في أثناء عمله هذا في تأسيس منظَّمات بحثية وعلمية أفريقية مثل المجلس الأفريقي لتنمية البحوث الاجتماعية والاقتصادية (كوديسريا) ومنتدى العالم الثالث، تُوفِّي في 12 أغسطس 2018.
من مؤلفاته: “دراسة في التيارات النقدية والمالية في مصر عام 1957″، و”البحر المتوسط في العالم المعاصر 1988″، و”من نقد الدولة السوفييتية إلى نقد الدولة الوطنية 1993″، و”في نقد الخطاب العربي الراهن 2009”.