رؤية الغرب للمرأة
رؤية الغرب للمرأة
حين غزت قوانين بونابرت الغربية كل موطن عربي مسلم أبعدت الشرعيةَ شيئًا فشيئًا، وبدأ الأمر بانتقاد الغرب استقرار الأسرة ثم أفرادها ثم المرأة وكيف أن المجتمع المسلم أهدر حريتها وقيَّدها بعائلة في عُنقها وزوج، فنشروا مفاهيم الحرية المنحرفة وأن كل فرد يحيا بمفرده، حتى وصل الأمر إلى انعدام الاحتكام إلى الشرع في كل فكرة أو عمل، وقد تعدَّدت وجهات النظر تجاه المرأة، ففي المنظور الإسلامي المرأة شريكة للرجل لها حقوق وواجبات، وشرع تحتكم إليه وتُحاسَب عليه مثلها مثل الرجل، إلا أن الاختلاف بينهما كما وجب بالفطرة اختلاف نفسي وبدني وعملي لكن لم يهدر حقها الإسلام، بل منحها مكانةً وتكافؤًا على الصعيدين الفكري والروحي.
ولم يصف الإسلام المرأة بأنها المجرمة الأولى كما وُصِفَت في سفر التكوين أنها صاحبة الخطيئة الأولى التي دفعت بسيدنا آدم إلى الأرض، ولم يقلِّل منها لفظًا وجسدًا كما يفعل آباء الكنيسة، بل إن الإسلام أضاف صفات الكمال إليها كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): “كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ”، وهذا ليس فيه دلالة على منع نساء هذه الأمَّة من الوصول إلى الكمال البشري كما فعل الرجال.
ويرى المفكر الفرنسي “برنار سيشير” أن الحجاب الإسلامي كان له تأثير في الطبقات السياسية في المجتمع الفرنسي ودافع عن الفكرة، كما أنه اتهم السياسيين بالانحيازية إلى أفكارهم والتعرض “للغرباء” وهم المسلمون كما سموهم بأنهم ضيوف في بلدهم تعدَّوا على احترام التقاليد الفرنسية، ونسوا أن أفضال الحضارة الإسلامية على الغرب كثيرة، ووصف سيشير الغربيين بأنهم ضحايا التعصب لخدمة مصالح الساسة وأصحاب الطبقات العليا من المجتمع.
الفكرة من كتاب المرأة والأسرة المسلمة من منظور غربي
جاء الإسلام وكرم المرأة وذكر حقوقها وواجباتها مفصَّلة، ولم يسبق ذكر ذلك بهذا الشكل المُفصَّل في أي كتاب سماوي ليُخرجها من ظُلم الاستعباد والوأد والاحتقار ورفعتها من إحاطتها بمنظور جسدي فقط لمنظور أكثر تقديرًا وإنساني عظيم مُحررًا إياها من قيود الذل والظُّلم، لكن في العقود الأخيرة ركَّزت الأفكار الغربية على تحرير المرأة من حقوقها والتحقير من شأنها في بيتها وانتقاد البيوت المسلمة، لتأخذ إطارًا من منظورهم الغربي متحرِّرًا وما هو إلا متفكِّك من القيود الشرعية الإنسانية.
في هذا الكتاب يناقش الدكتور عماد الدين خليل افتراءات بعض الغربيين بشأن اضطهاد المرأة في المجتمع الإسلامي، والأثر الغربي في سلخ المرأة المسلمة عن تعليم دينها، والازدواجية التي يتعامل بها الغرب مع مسألة الحريات، وكيف أن الغرب -مدعي الديمقراطية- هاجم بشدة حجاب المرأة المسلمة في الغرب، ويتطرق الكاتب بعد ذلك إلى مكانة المرأة في الإسلام بوصفها كائنًا متفردًا في صفاته وامتيازاته، مدللا بشهادات غربية لمسلمين ومستشرقين.
مؤلف كتاب المرأة والأسرة المسلمة من منظور غربي
عماد الدين خليل عمر: مؤرخ ومفكر عراقي، حصل على إجازة الآداب، من جامعة بغداد، ثم على الماجستير في التاريخ الإسلامي، ودرجة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي.
أبرز مؤلفاته: “التاريخ ومناهجه وفلسفته”، و”ملامح الانقلاب الإسلامي في خلافة عمر بن عبد العزيز التفسير الإسلامي للتاريخ”، و”في التاريخ الإسلامي: فصول في المنهج والتحليل المكتب الإسلامي”.