رؤية ابن رشد الفلسفية
رؤية ابن رشد الفلسفية
كان أهم ما شغل فلاسفة العرب هو “قدم العالم وخلوده أو حدوثه وعدمه؛ تعلق علم الله بالجزئيات واقتصاره على الكليات، وحشر الأرواح في الأجسام ونظرية المعرفة”، أبان ابن رشد غموض هذه النظريات وأوضح مشكلاتها ووضع الحد الفاصل بين المتكلمين والفلاسفة في الإسلام إلا أنه أتى بمذهب جديد يتلخَّص في نظريتين جوهريتين “أن المادة قديمة والعالم أزلي وأن الحركة الموجودة بها طبيعية فيها وأن الإله لا يزيد على أنه صانع مصور يضع التنظيم لمادة موجودة ويمنحها الصورة التي تقتضيها الحكمة”.
ويرى أن الله وحده هو الأزلي وكل ما عداه محدث مخلوق له، وبناء عليه يكون الله هو الخالق الحقيقي ويكون تعاقب الأجيال إيجادًا محضًا ينشئ الله الأفراد فيه من عدم بطريقة مباشرة، ثم يشرح ابن رشد كيف ينشأ الأفراد من المادية القديمة، وتحدَّث حول القضايا التى شغلت الفلاسفة “حركة الكون” ويرى أنها عامة شاملة، وأن الموجودات من حيث الاتصاف بالحركة عنها قسمان: الأول هو واجب الوجود الذي تستحيل عليه الحركة المقتضية للتغير والتعارض مع جلال الألوهية، الثاني أن ما عدا واجب الوجود لذاته وهو لا بدَّ له من الحركة الأولية الأبدية ضرورة لتحقيق معلوليتها، فهو الباري لسيرها نحو الكمال.
الفكرة من كتاب الإسلام والفلسفة
الفكر الفلسفي هو فكر امتدادي على مر العصور، لا يمكن القول إنه طفرة ظهرت في قوم واندثرت عند آخرين، لكن الأمر منذ بدايته عند العرب كان مقتصرًا على تحصيل المعاش، وجلب القوت، لم تشغله التساؤلات حول حقيقة الكون وأسراره، الأمر لم يكن لسبب ضيق الأفق أو عجزهم الفكري، وإنما في حقيقة الأمر هو انشغال فقط وحتى أخلاقهم كانت غليظة وقاسية كلها حياة بربرية، ودياناتهم كلها وثنية ساذجة جافة لا روح فيها ولا حياة، حتى العبادة فيها ليس لها نسق وهو أمر لا يستسيغه عقل ولا يؤيده منطق أو ذوق سليم.
مؤلف كتاب الإسلام والفلسفة
الدكتور محمد غلاب أستاذ الفلسفة بجامعة الأزهر المولود في أوائل القرن العشرين، واسع الاطلاع في جميع الفنون بصيرًا كل البصر –على الرغم مما لحق ببصره من علة– متقنًا لعلوم الأزهر التراثية، له مؤلفات عدة منها: “الفلسفة الشرقية”، و”الفلسفة الإغريقية” (جزآن)، و”مشكلة الألوهية”، و”فلسفة الإسلام في الغرب”، و”المذاهب الفلسفية العظمى في العصور الحديثة”، و”الفلسفة المسيحية في الشرق والغرب”، كما ترجم كتاب “الفلسفة التجريبية وتيارات الفكر الفلسفي الفرنسي وتاريخ الفلسفة” لإيميل بُرهيمة.