خِطاب المُناظرة
خِطاب المُناظرة
يعتبر المُحتوى أهم مكونات المناظرة، ويعتمد على خمسة عناصر يكمل بعضها بعضًا، أولها: بناء موقف الفريق، عن طريق خطوات منظمة يتبعها الفريق لتحقيق الفوز بالمناظرة، وتعتمد على ثلاثة أشياء، أولها: وجود مشكلة، وثانيها تقديم حل لها، وثالثها تقديم نتيجة ذلك الحل.
أما العنصر الثاني المكون للمناظرة هو: القضية المَطرُوحة، ويبدأ بقولها المتحدث الأول من فريق الموالاة، وتهتم بقضايا وشؤون مختلفة، تُصاغ بدايتها بطريقة تناسب كل شأن، مثل: القضايا المعاصرة المتعلقة بالسياسة وتُصاغ بطريقة: “سيمنع هذا المجلس، سيلغي هذا المجلس”، وكذلك القضايا التي تعبر عن المعتقدات والعادات الاجتماعية، تصاغ بدايتها بقول: “يؤمن هذا المجلس بكذا، يعتقد هذا المجلس أن”، وأيضًا يمكن استخدام صيغ أخري مثل: يرى هذا المجلس أن تعليم مواد العلوم باللغة العربية أفضل من تعليمها باللغة الإنجليزية، أو سيتخلى هذا المجلس عن استخدام عملة اليورو، وهكذا..
وجميع هذه الصيغ تشترك في ضرورة توضيحها وتبيين المفردات بها حسب رؤية فريق الموالاة وتبعًا للسياق المكاني والزماني، وبعد ذلك يحق لفريق المعارضة الموافقة أو رفض تعريف فريق الموالاة.
والآن مع العنصر الثالث للمناظرة، وهو تقديم حجة تثبت صحة رأي الفريق لقضيته أو تفند رأى الفريق المقابل، فيصبح الفريق قادرًا على إقناع الجمهور ولجنة المحكمين، والحجة القوية تُبنى على ثلاث تاءات تُؤخذ بترتيب منطقي وهي “التوكيد، والتعليل، والتدليل”.
وعنصر المناظرة الرابع هو المُداخلات، أي إتاحة فرصة لكل متناظر للتحدث خلال خطاب الخصم، فيطلب ذلك بقول “مداخلة” أو الإشارة بيده، ويحق له القيام بمداخلة أو اثنتين بالخطاب الواحد خلال 15 ثانية، بشرط ألا يتم الإفراط بها واستخدامها بغرض تعطيل المتحدث فقط، فذلك من شأنه إضعاف فريقك وإعطاء انطباع سيئ لدى المحكمين، ويحق للمتحدث قبول المداخلة أو رفضها، كما أن المحكمين لديهم توجيات بمعاقبة المتناظرين في حالة عدم قيامهم بمداخلات أو رفضها.
وأخيرًا العنصر الأخير، التفنيد أو الدحض بمقارعة حجة الخصم وإثبات أنها غير صحيحة أو غير منطقية أو متناقضة، وتقع هذه المسؤولية على جميع المتحدثين من الفريقين ما عدا المتحدث الأول من فريق الموالاة، فيقوم كل متحدث بتفنيد ما ورد في خطاب المتحدث الذي قبله مباشرةً، ويحاول التركيز على استهداف النقاط القوية بدلًا من الثانوية، لما لها من مكافأة عالية من المحكمين، وكذلك لا يمكن للمحكمين إسقاط حجة ما وإن كانت ضعيفة إلا إذا تمكن الخصم من دحضها بشكل فعال.
الفكرة من كتاب المَدخل إلى فن المُناظرة
قد يظن البعض إثر مُشاهدته لبعض البرامج التلفزيونية أن المناظرة هي طريقة للمُشاجرة بين المثقفين!
ولكنها في الحقيقة من أبلغ أساليب الحوار في الإقناع العقلي والمنطقي، فَقَد استعملها القرآن الكريم في إقامة الأدلة على وحدانية الله تعالى، واستخدمها الأنبياء مع أقوامهم للوصول إلى الحق.
والمناظرة من أهم الوسائل التي يتجلى بها أثر الكلمة واللغة الخطابية في ترسيخ قيم المناقشات وأهدافها.
فما هو فن المناظرة؟ وما تاريخها؟ وكيف تُقام المناظرات بالمدارس والجامعات؟ وما هي معايير التحكيم؟ وكيف تجعل فريقك يفوز في المناظرة؟ سنتعرَّف إجابات هذه الأسئلة مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب المَدخل إلى فن المُناظرة
عبد اللطيف سلامي: هو أستاذ باحث مساعد في معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية في جامعة قطر، له عدد من الأبحاث والمقالات التي تهتم بالقضايا التعليمية والاجتماعية.