خمس خطوات للارتقاء
خمس خطوات للارتقاء
هناك خمس خطوات أساسية يُرقِّي بها طالب العلم نفسه أثناء مسيره في الطريق ليصبح من أصحاب الهمم ومن أهل العزائم، تبدأ بالإخلاص لله سبحانه كعادة أي عادة أو عبادة مصبوغة بالصبغة الإسلامية، فطالب العلم المسلم خالص لله سبحانه مخلص له في كل حياته، والنتيجة أن يخلصه الله سبحانه ويصطفيه ويزكيه، والصفة الثانية مرتبطة بالصفة الأولى ألا وهي صفة الصدق، فطالب العلم عالي الهمة صادق في أقواله وأفعاله، صادق مع الله ومع نفسه، حياته كلها تنبع من الصدق وتدور حول الصدق، وهذا مُلاحظ في مَن تظهر عليهم سمات أهل العلم والورع تحسبهم صادقين وإن لم ينطقوا بشيء، وهذا كله فضل من الله ومِنّة.
الخطوة الثالثة للترقي هي التحلي بالجدية، وهذا جهاد من نوع آخر، بل جهاد داخل جهاد طلب العلم نفسه، فالتحلي بالجدية في زمن غلب عليه الهزل والترف والسفه وقلَّ فيه المعين أمر شاق ولا شك، لكنه متى فهم السالك إسلامه وتعاليم دينه جدَّ في الطلب ولم يعبأ بما حوله من لهو ولعب وضياع للأوقات فيما لا نفع منه بل أكثره ضرر، فتراه بعد أن اصطبغ بتعاليم الدين بعيدًا عن أماكن الصخب والتجمعات، لا ينتصب أمام الأجهزة يقلب فيها بلا وجهة ولا هدف، ولا يُكثر من الزيارات الاجتماعية، فهو جليس المحبرة والورق كما يقولون لكنه في نفس الوقت ليس منعزلًا متصوِّفًا عبوسًا مكتئبًا، وهنا تأتي أهمية الصفة الرابعة وهي صفة التوازن والتكامل بين العلم والحياة، فلا إفراط ولا تفريط، وسيد ولد آدم هو القدوة المثلى للاحتذاء به في هذا الجانب، فهو (صلى الله عليه وسلم) كنت تحسبه صائمًا فتراه مفطرًا، وتحسبه مقيمًا لليل فتراه نائمًا، وكان مثالًا للزوج، والأب، والقائد، والصاحب مثالًا ونموذجًا معتدلًا لا مغاليًا (صلوات الله وسلامه عليه).
ومن التوازن أن يوازن طالب العلم في العلم نفسه فلا يستغرق في تفاصيل علم من العلوم على حساب علم آخر أو في عبادة على حساب عبادة أخرى، لكنه كسائر في بساتين بهيجة يقطف من كل بستان زهرة فيغدو غنيًّا بالمعاني التي يستنبطها من كل هذه العلوم، ويغدو متوازنًا منضبطًا في سيره.
والخطوة أو الصفة الأخيرة هي التفوُّق في السلوك الاجتماعي، فصاحب العلم وطالبه محبوب وناجح في دوائره وأوساطه الاجتماعية، وتعامله مع الآخرين تعامل راقٍ منضبط منطلق من أسس إسلامية لا من أهواء شخصية أو شيطانية، فقد اكتفينا من رؤية من يزعم أنه منتمٍ إلى الإسلام مصبوغ بصبغته ثم ترى تعامله وخلقه لا يمتُّ إلى ذلك بصلة، فهو مسيء إلى نفسه مسيء إلى أمته أيضًا، وأكثر ما يميز طالب العلم من صفات اجتماعية أنه حليم صبور هين لين سهل واسع الصدر طيب النفس يحتمل الأذى ويتطلَّع إلى الأفضل دائمًا في علم أو خُلُق، ويرى الخير والإيجابيات ويثني عليها ويتغاضى عن النواقص والسلبيات ولا يضخِّمها، وهذا كله من ثمرة العلم.
الفكرة من كتاب الخطَّة البرَّاقة لذي النفس التوَّاقة
كثيرًا ما نرغب في سلوك طريق الاستقامة، أن ننضم إلى ركب السائرين إلى الله الساعين في مرضاته أصحاب الهمم العالية وأن نموت على ذلك، يأتينا خاطر: “إلى متى هذا التخبُّط، وكيف نبدأ بداية صحيحة، وإلى من نذهب ليدلَّنا على الطريق؟”، ويأتي هذا الكتاب ليدلَّ كل طالب علم وسالك لطريق الحق على البداية ويرسم له الخطوط العامة ويبصره بما له وما عليه ويساعده على بناء منهجه وتنظيم يومه، وهو في هذا مبني على أساس من الكتاب والسنة، وهما الأصل والمنطلق لمن يطلب سيرًا بغير ضلال ولا اعوجاج.
مؤلف كتاب الخطَّة البرَّاقة لذي النفس التوَّاقة
صلاح الخالدي: كاتب أردني أزهري الدراسة الثانوية، تعلم في كلية الشريعة ثم درس الماجستير في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وكانت رسالته التي أعدها بعنوان “سيد قطب والتصوير الفني في القرآن”، فقد كان متأثرًا تأثرًا كبيرًا بالشيخ سيد قطب، بكتاباته على الأصح، فلم تكن بينه وبين الشيخ علاقة شخصية.
ومن أبرز مؤلفاته:
لطائف قرآنية.
صور من جهاد الصحابة.
ثوابت المسلم المعاصر.