جغرافيون ورحالة.. الرحلة تستولد الجغرافيا
جغرافيون ورحالة.. الرحلة تستولد الجغرافيا
اليعقوبي هو أبو العباس أحمد بن يعقوب، ولد في بغداد وعاش في القرن الثالث الهجري، ارتبطت أسرته بأعمال الدولة لأجيال، بدأ ارتباطه بالسفر من رحلاته لشراء الرقيق، وتنقَّل بين مصر وفلسطين والهند، وسجَّل مشاهداته أثناء جولاته في كتابه “أسماء البلدان”، وهو من أقدم الجغرافيين العرب، إذ عني في كتابه بذكر المسافات بين الدول ومعالمها البارزة، ولم يتوقَّف عند مشاهداته فقط، بل كان يسأل المسافرين عن أحوال بلادهم، ويوردها في الكتاب.
والمقدسي هو محمد بن أحمد المقدسي، عاش في القرن الرابع الهجري، العصر الزاهي للثقافة الإسلامية، وقد مثلَّه المقدسي كما يجب، فقد كان منهجه في تفنيد الروايات صارمًا للغاية، فأبعد كتابه عن القصص الغريبة التي تجذب القراء لكنها لا تنقل الحقيقة، كان أديبًا بارعًا، وذا رأي ونقد في فنون العمارة، ويُجلِسه المستشرقون على عرش الجغرافيا الأدبية، كأحد أهم روادها العالميين، بدأ أسفاره بالخروج لطلب العلم، ولكن فتنته الرحلة وساح بين بلاد العرب والعجم، وهو ربما يكون أكثر الجغرافيين العرب تنوُّعًا واتساعًا في الرحلة وغرورًا أيضًا، وأورد رحلته في كتابه “أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم”.
والإدريسي هو محمد بن أحمد الإدريسي، عاش في القرن السادس الهجري، وهو أشهر الجغرافيين العرب قاطبة، ارتحل بين مصر والشام والأندلس، واستقرَّ آخر حياته في صقلية، وهذا أغرب ما في رحلته، إذ سقطت الجزيرة في أيادي النورمان أثناء مُقامه فيها ولكنه لم يغادرها لمعاملة النورمان الحسنة للمسلمين، واشتهر الإدريسي ببراعته في علم الجغرافيا ورسم الخرائط، فطلب منه أميرهم أن يؤلف له كتابًا في هذا العلم، فأنتج ُمؤلفه “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق”، أو” كتاب روجر”، ويتميَّز الكتاب بالطبيعة الجغرافية والخرائط الدقيقة التي طوَّرها الإدريسي لتصبح أكثر دقة، وأيضًا نتج عن هذا الجهد أول خريطة كاملة للعالم.
وابن حوقل هو أبو القاسم محمد بن علي، عاش أيضًا في القرن الرابع الهجري، وأحد أهم الجغرافيين العرب، وقد شغف بعلم الجغرافيا وفن الرحلة منذ صغره، وكانت رحلته بُغية المعاينة المباشرة، وتأليف كتاب من مشاهداته الخاصة هو “المسالك والممالك”، ويخصُّ فيه دول الحضارة العريقة فقط بالذكر كالهند والصين وبلاد الروم، وقد ألَّف الكتاب على أسلوب الرحَّالة، وطريقتهم في الحكي وإيراد المشاهدات، ولكن لا يخفى على قرَّاء الكتاب آراؤه السياسية وتعاطفه مع الفاطميين.
الفكرة من كتاب مشاهير الرحالة العرب
يعدُّ أدب الرحلات من أقدم الفنون التي اشتركت فيها جميع الأمم القديمة المتحضِّرة، فالإنسان منذ يومه الأول وهو متلهِّف إلى المعرفة، مجذوب إلى المجهول بطبعه، ولم تنحصر الرحلات على الأفراد فقط، فقد قام الملوك القدماء برحلات كبرى قصدوا بها التجارة أو الاستكشاف، فأقام الفينيقيون مستعمرات من خلال رحلاتهم التجارية على طول البحر المتوسط، وكذلك فالمصريون القدماء سجَّلوا رحلاتهم التجارية إلى بلاد بونت، واتخذ العرب الرحلة طريقة للعيش، ونقلت لنا الكتب رحلة امرئ القيس الذي كان يطلب فيها مُلك أبيه المفقود، ومات الملك الضليل وخَلدَت الرحلة.
مؤلف كتاب مشاهير الرحالة العرب
كمال بن مُحمد الريامي.