تطوير الأزهر
تطوير الأزهر
أُخبر البهي أن رئيس الجمهورية وقتها جمال عبد الناصر يرغب في أن يوليه إدارة جامعة الأزهر، وصدر القرار بتوليته وكيلًا ثم مديرًا بعدها بستة أشهر، وقد عمل في فترة إدارته على تجديد الكليات، وقرر إعادة الكليات الثلاث: أصول الدين، والشريعة، واللغة العربية، بالإضافة إلى الكليات العلمية والعملية، وأنشأ أيضًا كليتي البنات الإسلامية والتربية، وكان يخطط لإعداد المدرسين والأساتذة لمدة عشر سنوات، ليتحقق للجامعة الاكتفاء الذاتي، ولا تحتاج إلى انتداب الأساتذة، وشكَّل لكل كلية لجنة لوضع المناهج.
وفي عام 1961 لما أضيفت للأزهر كليات علمية جديدة، عُدلت المناهج بناء على ذلك، وتقرر زيادة سنة تمهيدية لمعالجة القصور لدى الطلاب، فمن كانت ثانويته أزهرية تقوى في اللغة الأجنبية والرياضيات، ومن كانت ثانويته عامة تقوى في اللغة العربية والدين، وقد اشتكى الطلاب من ذلك، لكن الدكتور البهي كان يرى أهمية استمرار تلك السنة، مع حذف كل التكرار من المناهج، وكان قد بلغ 40% منها، ثم عمل على توفير سكن للطلاب يقدم ثلاث وجبات يومية نظير مبلغ رمزي يسهم به الطالب، وقد لوحظ بعد ذلك أن الطلاب كانوا أكثر انتظامًا في الحضور من كل عام بعد أن أزيح عنهم عبء الإقامة والمادة.
وقد رأى بعض الأزهريين أن إدخال الكليات العلمية للأزهر أدى إلى إضعاف الجانب الديني، لكن الدكتور البهي كان يستنكر هذا الربط، ويرى ضرورة تقليل الفجوة بين التعليم الديني والتعليم النظامي، لتخريج طالب عارف بدينه، متمسك به، وعارف بالعلوم العصرية كذلك، وضرب مثالًا بذلك الجامعة الكاثوليكية في الفلبين التي تضم 23 كلية منها واحدة فقط للاهوت المسيحي، ولكن عُنيت كل الكليات الأخرى بتدريس المسيحية في كل سنواتها، وكان طابع الكلية والأساتذة طابعًا كاثوليكيًّا مع التزام الأساتذة “الآباء” بالزي رغم أن منهم مهندسين وأطباء وعلماء.
الفكرة من كتاب حياتي في رحاب الأزهر.. طالب وأستاذ ووزير
يأخذنا هذا الكتاب في حياة عالم ومفكر ووزير، بدءًا من كُتَّاب قريته في مصر، إلى ألمانيا ثم العودة والتدريس، ثم توليه إدارة جامعة الأزهر ثم الوزارة وانتهاءً بالعزلة، عاصر الملكية، والحرب العالمية الثانية، وثورة 52 والتغيرات الكبيرة التي حدثت في مصر بعدها، حياة رجل عُرف بشدَّته لأنه لم يكن يحابي أحدًا، وتعرض للعزلة بسبب مواقفه من الشيوعية، وهُدِّد فلم يزده ذلك إلا ثباتًا وقوة في الحق.
مؤلف كتاب حياتي في رحاب الأزهر.. طالب وأستاذ ووزير
د. محمد البَهي: أستاذ جامعي ومفكر ومؤلف مصري، ووزير سابق، ولد عام 1905، تخرج في قسم البلاغة والأدب في الأزهر، حصل على الدكتوراه في الفلسفة وعلم النفس في ألمانيا، درَّس الفلسفة وعلم النفس في عدد من الجامعات المصرية، وكان أستاذًا زائرًا في عدد من الدول العربية والأجنبية، عُيِّن مديرًا لجامعة الأزهر، ثم وزيرًا للأوقاف وشؤون الأزهر، وتوفي في العاشر من سبتمبر عام 1982.
له العديد من الكتب في الفلسفة الإسلامية، والعقيدة، والسلوك، والمجتمع والفكر الإسلامي، وتفسير القرآن الكريم، وقد قاربت مؤلفاته السبعين كتابًا ورسالة، من أبرزها:
الدين والدولة من توجيه القرآن الكريم.
الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي.
الإسلام في حل مشاكل المجتمعات الإسلامية المعاصرة.
طبقية المجتمع الأوروبي، وانعكاس آثارها على المجتمع الإسلامي المعاصر.