تربية الذات قبل الأبناء
تربية الذات قبل الأبناء
قد يوحي مصطلح التربية لدى البعض بأنه مجموعة خطوات وأدوات معينة ما إن نفعلها ونتبعها حتى نكون هكذا ربَّينا الأبناء، وهذا التصور غير صحيح كليًّا، لأن التربية هي في البداية تربية لذواتنا وإصلاح لها وتوجيه الأدوات التربوية لتهذيب أنفسنا وجعلها قدوة حسنة ليتعلم منا الأبناء بلسان الحال لأنه أبلغ بكثير من لسان المقال، فمن المستحيل أن يتعلموا السلوكيات والأخلاق الطيبة دون أن يشاهدوا الآباء يفعلونها، فصلاح الحال يبدأ من الأهل وليس من الأبناء، وأولادنا هم مرآة عاكسة لنا؛ تصرفاتنا تنعكس في تصرفاتهم، وفي كلامهم صدى أقوالنا، وكما يقول المثل: “كل إناء ينضح بما فيه”، فالطفل العنيد مثلًا وراءه أب أو أم أكثر عنادًا منه، والطفل الذي يرفع صوته ويصرخ لا بدَّ أنه نشأ في أسرة يغلب عليها رفع الصوت وعدم ضبط النفس، فهل نعاتبهم على ما تعلموه منا؟!
إن المشكلة تكمن في أن بعض الأسر تتجه بالإصلاح إلى الأبناء، وتلقي باللوم على الجيل ورفقة السوء والتلفزيون والإنترنت، دون إدراك أن الحل يكمن بداخل الآباء، وفي توجيه أدوات الإصلاح إلى أنفسهم أولًا في سلوكهم وعاداتهم وأحوالهم، فلن يأتي هذا الإصلاح حتى يغيروا ما بأنفسهم كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾، وثمة فارق كبير بين أن نحمل المسؤولية، وأن نهرب منها بإلقاء اللوم على الأبناء، فنحن نهرب منها عندما نقول إن المشكلة في الأبناء وهم بحاجة إلى الإصلاح، ونحملها عندما نعرف أن الحل بأيدينا نحن، وأن الذي يحتاج إلى الإصلاح هو نحن أولًا.
الفكرة من كتاب أبناؤنا جواهر ولكننا حدادون
أبناؤنا جواهر نستطيع تشكيلها بسهولة من الصغر، لكننا بدلًا من أن نتعامل معهم بعناية كالصاغة نستخدم أساليب الحدادين وعضلاتنا معهم.. يأتي هذا الكتاب ليعلِّمنا أدوات صياغة الأبناء، إذ يقدم مجموعة إضاءات مهمة ونصائح تطبيقية في طرائق التربية الفعالة والحديثة، مقارنًا بين الوسائل القديمة للتربية التي يشبِّهها بطرق الحدادين وبين الوسائل والأدوات الحديثة من حيث السلبيات والإيجابيات في كلٍّ منها.
مؤلف كتاب أبناؤنا جواهر ولكننا حدادون
مسلم تسابحجي: طبيب بشري تخرَّج في كلية الطب جامعة دمشق، ونال إجازة في الشريعة الإسلامية من الجامعة نفسها، كما حصل على دبلوم التأهيل التربوي، ويعمل بمجال التدريب والاستشارات التربوية النفسية والاجتماعية، وهو مدرب معتمد في البرمجة اللغوية العصبية.